المحتوى
الذَّبِيحُ هُوَ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
.القَائِلُونَ بِأَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُمُ الجُمْهُورُ، وَقَوْلُهُمْ أَصْوَبُ نَقْلًا، وَأَصَحُّ عَقْلًا، وَأَوْضَحُ بَيَانًا، وَأَظْهَرُ بُرْهَانًا.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ: «الذِي يَجِبُ القَطْعُ بِهِ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ،
وَهَذَا الذِي عَلَيْهِ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالدَّلَائِلُ المَشْهُورَةُ، وَهُوَ الذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ التَّوْرَاةُ التِي بِأَيْدِي أَهْلِ الكِتَابِ». انتهى.
وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَا مَا يَلِي:
أَوَّلًا:
أَنَّ الأَوْجُهَ المُرَجِّحَةَ كَثِيرَةٌ، وَمَنْ أَرَادَ الوُقُوفَ عَلَيْهَا،
فَلْيُرَاجِعْ كَلَامَ شَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ بِـ (مَجْمُوعِ الفَتَاوَى 4/331، وَالفَتَاوَى المِصْرِيَّةِ صـ 523)
وَقَالَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ القَيِّمِ: «وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ الذَّبِيحُ عَلَى القَوْلِ الصَّوَابِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَأَمَّا القَوْلُ بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ فَبَاطِلٌ بِأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا».
وَأُحِيلُ القَارِئَ إِلَى كِتَابَيْهِ: (زَادِ المَعَادِ 1/71، وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ 2/354).
ثَانِيًا:
أَنَّهُ أَشْبَهُ بِسِيَاقِ القُرْآنِ، نَحْوُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ، قَالَ: قَالَ تَعَالَى:
{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوب}،
“فَكَيْفَ تَقَعُ البِشَارَةُ بِإِسْحَاقَ وَأَنَّهُ سَيُولَدُ لَهُ يَعْقُوبُ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِذَبْحِ إِسْحَاقَ وَهُوَ صَغِيرٌ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ،
هَذَا لَا يَكُونُ؛ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ البِشَارَةَ المُتَقَدِّمَةَ».
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: (وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ القُرْآنِ، بَلْ كَأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ إِسْمَاعِيلُ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ قِصَّةَ الذَّبِيحِ،
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}.
ثَالِثًا:
أَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْآثَارِ، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: (وَهَذِهِ الآثَارُ _ أَيْ بَقَايَا قَرْنَيِ الكَبْشِ _ مِنْ أَقْوَى الحُجَجِ لِمَنْ قَالَ:
إِنَّ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلُ. وَحَدِيثُ: “أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ” رُوِّينَاهُ فِي الخِلَعِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ،
وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَأَطْنَبَ ابْنُ القَيِّمِ فِي (الهَدْي) فِي الاسْتِدْلَالِ لِتَقْوِيَتِهِ). انتهى.
وَإِسْنَادُ الحَدِيثِ ضَعِيفٌ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَنَّ الذَّبِيحَ الآخَرَ وَالِدُهُ عَبْدُ اللهِ.
رَابِعًا:
أَنَّ مَنْ حُكِيَ عَنْهُ القَوْلُ بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ، الكَثِيرُ مِنْهُمْ نُقِلَ عَنْهُ القَوْلُ بِأَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ،
وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ مَنْ حُكِيَ عَنْهُ القَوْلُ بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ،
قَالَ: وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ عَنْهُ وَعَنْ أَكْثَرِ هَؤُلَاءِ؛ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
خَامِسًا:
أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ قَالَ: إِنَّهُ إِسْحَاقُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مُتَأَثِّرٌ بِمَا فِي كُتُبِ أَهْلِ الكِتَابِ،
وَفِيهَا تَحْرِيفٌ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ:
«إِنَّمَا أَخَذُوهُ وَاللهُ أَعْلَمُ مِنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ، أَوْ صُحُفِ أَهْلِ الكِتَابِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنِ المَعْصُومِ؛
حَتَّى نَتْرُكَ لِأَجْلِهِ ظَاهِرَ الكِتَابِ العَزِيزِ، وَلَا يُفْهَمُ هَذَا مِنَ القُرْآنِ؛ بَلِ المَفْهُومُ،
بَلِ المَنْطُوقُ، بَلِ النَّصُّ – عِنْدَ التَّأَمُّلِ – عَلَى أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ».
وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ: «لَكِنَّ أَهْلَ الكِتَابِ حَرَّفُوا فَزَادُوا إِسْحَاقَ، فَتَلَقَّى ذَلِكَ عَنْهُمْ مَنْ تَلَقَّاهُ،
وَشَاعَ عِنْدَ بَعْضِ المُسْلِمِينَ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَحْرِيفِ أَهْلِ الكِتَابِ».
قَالَ أَهْلُ العِلْمِ: اليَهُودُ حَسَدَتْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ عَلَى هَذَا الشَّرَفِ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: “إِنَّ اللهَ لَمَّا فَرَّجَ عَنْ إِسْحَاقَ كَرْبَ الذَّبْحِ … الحَدِيث”. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ،
قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ضَعِيفُ الحَدِيثِ،
وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِي الحَدِيثِ زِيَادَةٌ مُدْرَجَةٌ، وَهِيَ قَوْلُهُ:
“إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا فَرَّجَ عَنْ إِسْحَاقَ” إِلَى آخِرِهِ. فَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا، فَالأَشْبَهُ أَنَّ السِّيَاقَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ “إِسْمَاعِيلَ”،
وَإِنَّمَا حَرَّفُوهُ بِإِسْحَاقَ؛ حَسَدًا مِنْهُمْ، وَإِلَّا فَالمَنَاسِكُ وَالذَّبَائِحُ إِنَّمَا مَحَلُّهَا بِمِنًى مِنْ أَرْضِ مَكَّةَ،
حَيْثُ كَانَ إِسْمَاعِيلُ لَا إِسْحَاقُ – عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -، فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ بِبِلَادِ كَنْعَانَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ» .انتهى.
وَلَا يَصِحُّ حَدِيثٌ فِي تَسْمِيَةِ الذَّبِيحِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
سَادِسًا:
أَنَّ الكُتُبَ التِي بِأَيْدِي أَهْلِ الكِتَابِ تَذْكُرُ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ؛ نَقَلَ الفَاكِهِيُّ فِي أَخْبَارِ مَكَّةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ
أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نَقْرَأُ فِي كُتُبِ اليَهُودِ أَنَّهُ إِسْمَاعِيل».
وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ وَغَيْرُهُ: «أَيْضًا فَإِنَّ فِيهَا أَنَّهُ قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ: اذْبَحِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ.
وَفِي تَرْجَمَةٍ أُخْرَى: بِكْرَكَ. وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ الذِي كَانَ وَحِيدَهُ وَبِكْرَهُ بِاتِّفَاقِ المُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الكِتَابِ».
سَابِعًا:
أَنَّ أَهْلَ الحَدِيثِ يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ، وَأَهْلُ الحَدِيثِ هُمْ أَهْلُ الحَدِيثِ.
إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ** فَإِنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
قَالَ الحَاكِمُ: وَقَدْ كُنْتُ أَرَى مَشَائِخَ الحَدِيثِ قَبْلَنَا وَفِي سَائِرِ المُدُنِ التِي طَلَبْنَا الحَدِيثَ فِيهَا،
وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلُ. انتهى.
وَحَسْبُكَ أَنَّهُ مَذْهَبُ إِمَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالحَدِيثِ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الإِمَامِ أَحْمَدَ: مَذْهَبُ أَبِي أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ.
يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام
More Stories
علاقتي مع أمي سيئة ولا أستطع إصلاحها، فماذا أفعل؟
📍متى يجوز للمصلي أن يتجه إلى غير جهة القبلة في الصلاة❓
أريد الزواج ووجدت فتاة مناسبة لكن أمي رافضة، ما نصيحتكم؟