المحتوى
شهر رجب.. بين الاتباع والابتداع

رجب الحرام.. رجب الأصم.. رجب الأصب.. رجب الفرد.. منصل الأسنة..
كل هذه ـ وغيرها ـ أسماء ذكرها العلماء لشهر رجب الحرام الذي هو بين جمادى وشعبان.. والقاعدة أنه كلما زادت أهمية الشيء زادت عند العرب مسمياته.. قال ابن دحية: “له ثمانية عشر اسما”، ويجمع على أرجاب، ورجبانات، وأرجبة، وأراجب، ورجابي.
وأصل الترجيب هو التعظيم، وإنما سمي بذلك لأن العرب كانت تعظمه، وخاصة قبيلة مضر، فكان تعظيمهم له أظهر وأكبر.
وشهر رجب شهر حرام حرمه الله مع ما حرم من الأشهر التي اختارها على بقية الشهور واختصها بفضله، فأعلى قدرها، وعظم شأنها، وجعل لها مكانة خاصة؛ فقال عز من قائل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}(التوبة:36).
وهذه الأشهر الأربعة منها ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم؛ ثم الرابع هو شهر رجب الحرام، كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم حجة الوداع حين قال: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)(رواه احمد عن أبي بكرة).
عبادات مبتدعة وأحاديث مخترعة
وقد اخترع الناس في هذا الشهر عجائب وغرائب من العباداتٍ التي لم يثبت فيها شرع، ولم يرد في شأنها نصّ، ورووا في سبيل ذلك أحاديث شديدة الضعف وموضوعة، ومختلقة مخترعة مصنوعة اتفق أهل العلم على بطلانها وبطلان نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجب حديث، بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها كذب”.
قال الحافظ ابن حجر: “لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه ـ ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه ـ حديث صحيح يصلح للحجة”.
فمما اخترعها الناس في فضائل هذا الشهر:
صلوات مخترعات
منها صلاة في أول ليلة من رجب، وصلاة في أي ليلة صام يومها، وصلاة في ليلة الجمعة الأولى منه، وفي ليلة النصف من رجب، ومنها أيضا صلاة في ليلة السابع والعشرين، وقد ذكرها جميعها الإمام ابن الجوزي في كتابه الموضوعات وحكم عليها بالوضع، ووافقه ابن حجر العسقلاني رحمهما الله.
وكذا صلاة الرغائب:
وهي صلاة مشهورة عند عامة الناس، قال ابن الجوزي: “هي عند العوام أعظم وأجل (يعني من التراويح)؛ فإنه يحضرها من لا يحضر الجماعات”.
وهي صلاةٌ غريبة ومغايرة لهيئة الصلاة التي اعتاد الناس عليها، وتشمل العديد من الأذكار المستحدثة، وفي فضيلتها ينسبون حديثاً طويلا موضوعاً إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وفيه: (… والذي نفسي بيده، ما من عبد ولا أَمَة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر، وعدد الرمل، ووزن الجبال، وورق الأشجار، ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار).
بدع الصوم
وأما الصوم فيه فقد حظي بالنصيب الأوفر من الأحاديث المكذوبة، وقد وضعوا أحاديث في فضل صوم كل يوم فيه، وأحاديث في صومه كاملا مع شعبان ورمضان، أو صوم عدد معين منه كأسبوع أو عشرة أيام أو أقل أو أكثر.. كلها لم يصح فيها شيء، ومحكوم عليها بالكذب والوضع..
وقد تتبع هذه الأحادث كلها الإمام ابن حجر في كتابه (تبيين العجب بما ورد في شهر رجب) وحكم عليها بالوضع والنكارة وأنها لا أصل لها.
More Stories
ن علامات الساعة وقوع ملحمة كبيرة بين المسلمين والروم بالشام
كيفية نزول المصلي من الركوع إلى السجود
حكم طلب الدُّعاء من الآخرين