المحتوى
الشيخ ابن عرفة الورغي التونسي

علماء الجنوب التونسي شيخ الإسلام “ابن عرفة الورغمي”716 هــ (1316 م)- 803 هـ ‘(1401 م)وهو
مجدد القرن الثامن الإمام العلامة شيخ الإسلام محمد بن محمد بن عرفة الورغمي المولود بالجنوب التونسي سنة
716 هــ (1316 م)أصله من قبيلة ورغمة، المستوطنة بالجنوب الشرقي للبلاد التونسية، حول مركز ولاية مدنين
حاليا. نشأ بالعاصمة التونسية و تخرج على عظماء أساتذتها في عامة فروع الثقافة، حتى تكوّن تكوّنا صحيحا
جامعا بين الملكات، راسخ القدم في المناهج بين شرعية و أدبية و عقلية و رياضية.
تكونه:
و تم تكون ابن عرفة على
منهج الجامع، الذي أساسه المعقولات، فعلا نجمه في الأفق العلمي، و ذاع صيته في التدريس، و سلمت له
المهارة و الإتقان، حتى صار المرجع الذي تشد الرحلة إليه، و امتاز بفتح مجال النقاش بينه و بين طلبته في
الدروس كما حكى ذلك عنه تلميذه البسيلي: ” و لذا كان الحذاق يفضلون مجلسه على غيره من مجالس التدريس”و
كانت طريقته في التدريس القصد إلى توليد المسائل، و ابتكار الأنظار و الأبحاث، و لذلك كان يقدر قيم التآليف،
منهجه في التأليف:
على هذا المنهج سار في خدمة الفقه، فبلغ الشاو الذي ما بلغه أحد من قبله كانت طريقة ابن عرفة الفقهيةجمع
الأنظار و مقارنتها و الاستخلاص منها على أسلوب الدراسة العلمية المؤسسة على المنطق و الأصول، المشاركة
في استخدام عامة الأدوات الثقافية، قد أخرج على هذه الطريقة تأليفه العجيب: “المختصر الفقهي” الذي امتاز
بحسن سبك المسائل، و متانة جمعها، و براعة تفريعها و تفنينها، مع مزية ضبط الحقائق الشرعية بالتعريف و
التحديد، بما كان فيه ابن عرفة نسيج وحده، بحيث إن الصناعة التأليفية و المنهج الدراسي قد بلغا على يده في
الفقه المالكي ذروتهما، و لا سيما في تعاريف الأبواب و الحقائق و تمييز مواهي العقود، و هو ما أصبح فيه ابن
عرفة عمدة على الإطلاق عند أهل المشارق و المغارب، فما من تأليف كلّي أو بحث فقهي في القرن التاسع و ما
بعده، يأخذ في بسط باب من أبواب الفقه إلا وهو معتمد، قبل كل شيء، على إيراد تعريف ابن عرفة لتلك الحقيقة.و
لما كانت بحوث ابن عرفة و أنظاره الفقهية، تجري في الميدان النظري البحت: ميدان التدريس و التأليف، غير
مطبقة على النوازل و الأحداث، بصورها الجزئية، فإنها لم تعتبر فقها بل تفقها؛ و لكن لما جاء تلاميذه و أتباعهم
من أعلام الفتوى و القضاء من أمثال ” البرزلي و ابن ناجي و المازوني..” نزلوا بتلك التفقهات إلى ميدان
التطبيق فصارت فقها بجريان العمل و عليه مشت اختيارات الفتوى من المغرب العربي باختلاف الاعتبارات و
الدواعي ، إذ كانت شهرة ابن عرفة و سداد طريقته الفقهية قد جذبا الفحول من ناشئي الفقهاء إلى دروسه من
أقطار المغرب العربي، فتكونت في جميعهم نزعة متشابهة إلى تقويم مناهج الفتوى و القضاء على طريقته كلما
أتيحت لواحد منهم فرصة في ذلك.و كانت دروسه في التفسير و القراءات و الحديث و الفقه و الأصول و الكلام و
المنطق و الفرائض و الحساب تسير على منهج واحد: من البحث و النظر، و الجمع و التحليل، و المذاكرة، و
النقاش، و بذلك كان المتخرجون عليه من أهل القرن الثامن و القرن التاسع، لا يدخلون تحت حصر، بما أشاع
ذكره، و شهر فضله خاصة في درسه تفسير القرآن العظيم،فقد ختمه عدة ختمات، و تعاقبت عليه فيه طبقات، و
لخص تلك الدروس كثير من تلاميذه. و كذلك تآليفه العديدة المفتنة، فقد جاءت منسوجة على منوال واحد: في عمق
النظر و علو الحكم؛ و هي في الأصول، و الكلام، و المنطق.
توليه جامع الزيتونة
.و زاد في علو سمعة ابن عرفة ولايته إمامة جامع
الزيتونة الأعظم أكثر من خمسين سنة حتى أصبح أشهر علم في البلاد بغزارة العلم و متانة الدينو لما سافر إلى
المشرق بقصد الحج في أواخر عمره سنة 790 هــ (1388 م) تقدمت سمعته الذائعة بين يديه، فأقبل على الأخذ
عنه مشاهير العلماء من أهل مصر و الحرمين الشريفين مثل ابن حجر و الدماميني و ابن ظهيرة المكي و اجتمع
بسلطان مصر الملك الظاهر فبالغ في إكرامهو كان له من طول العمر مع توفر الصحة ،مؤكد لتلك المنزلة العالية
،و الصيت الذائع، فقد توفي عن سبع و ثمانين سنة، و كانت وفاته في جمادى الأولى سنة 803 هــ (1401 م) في
عهد الخليفة الشهير ابي فارس عبد العزيز الحفصي
( المصدر: الشيخ “محمد الفاضل ابن عاشور” من كتاب “أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي” )
الشيخ ابن عرفة الورغي التونسي
تابعونا على نور الإسلام و الإنسان
اقرأ أيضا :
More Stories
هل أضحي عن والدي المتوفيان؟
فشل فيه ملايين الطلاب.. ما هو جمع كلمه “فم” في اللغة العربية.. الاجابة لن يتخيلها أي شخص
الأرض في أقرب مسافة من الشمس نهاية الأسبوع