المحتوى
السؤال :
كنت أتحدث مع والدي ، فأخبرني أن هناك سورة في القرآن تتحدث عن أهل الكهف ،
وأن لها فضلاً خاصاً . فهل بالإمكان أن تبينوا لي ما قصة أهل الكهف ،
وما فضل هذه السورة ؟
الجواب :
الحمد لله
تعريف
سورة الكهف سورة مكية ، عدد آياتها (110) آيات ، والكهف هو الغار في الجبل .
عدد قصص سورة الكهف
وقد تضمنت هذه السورة قصصا أربعة ، وهي قصة أصحاب الكهف ،
وقصة صاحب الجنتين ، وقصة موسى والخضر ، وقصة ذي القرنين .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضلها أنه ( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ ) .
وعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلاَبِىِّ قَالَ : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ فَقَالَ :
( إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ فَإِنَّهَا جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ )
فضل قراءتها
وورد في فضل قراءتها يوم الجمعة أيضا أحاديث أخر
وخلاصة قصة أصحاب الكهف أنها قصة شبان ( فتية ) فروا من قومهم خشية الفتنة في دينهم .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في شأنهم :
” قال كثير من المفسرين والمؤرخين وغيرهم : كانوا في زمن ملك يقال له دقيانوس ، وكانوا من أبناء الأكابر ، واتفق اجتماعهم في يوم عيد لقومهم ،
فرأوا ما يتعاطاه قومهم من السجود للأصنام والتعظيم للأوثان ، فنظروا بعين البصيرة ، وكشف الله عن قلوبهم حجاب الغفلة ، وألهمهم رشدهم ، فعلموا أن قومهم ليسوا على شيء ،
فخرجوا عن دينهم ، وانتموا إلى عبادة الله وحده لا شريك له ” انتهى.
وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :
” وهم فتية وفقهم الله ، وألهمهم الإيمان ، وعرفوا ربهم ، وأنكروا ما عليه قومهم من عبادة الأوثان ،
وقاموا بين أظهرهم معلنين فيما بينهم عقيدتهم ، خائفين من سطوة قومهم ، فقالوا :
رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا أي : إن دعونا غيره .
شَطَطًا أي : زورا وبهتانا وظلما .
هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا الكهف /14 و 15.
فلما اتفقوا على هذا الأمر ، وعرفوا أنهم لا يمكنهم إظهار ذلك لقومهم ،
سألوا الله أن يسهل أمرهم فقالوا : رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا الكهف /10 .
فأووا إلى غار يسره الله غاية التيسير، واسع الفجوة ، بابه نحو الشمال لا تدخله الشمس ، لا في طلوعها ولا في غروبها ،
فناموا في كهفهم بحفظ الله ورعايته ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا ، وقد ضرب الله عليهم نطاقا من الرعب على قربهم من مدينة قومهم ،
ثم إنه في الغار تولى حفظهم بقوله : وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ الكهف /18؛
وذلك لئلا تُبلي الأرضُ أجسادهم ، ثم أيقظهم بعد هذه المدة الطويلة : لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ، وليقفوا في آخر الأمر على الحقيقة :
قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ [الكهف : 19] إلى آخر القصة .
ففيها آيات بينات وفوائد متعددة :
ومنها : أن قصة أصحاب الكهف وإن كانت عجيبة ، فليست من أعجب آيات الله ؛ فإن لله آيات عجيبة وقصصا فيها عبرة للمعتبرين .
ومنها : أن من أوى إلى الله أواه الله ، ولطف به ، وجعله سببا لهداية الضالين ;
فإن الله لطف بهم في هذه النومة الطويلة ، إبقاء على إيمانهم وأبدانهم من فتنة قومهم وقتلهم ،
وجعل هذه النومة من آياته التي يستدل بها على كمال قدرة الله ، وتنوع إحسانه ، وليعلم العباد أن وعد الله حق .
ومنها : الحث على تحصيل العلوم النافعة والمباحثة فيها ؛ لأن الله بعثهم لأجل ذلك ، وببحثهم ،
ثم بعلم الناس بحالهم ، حصل البرهان والعلم بأن وعد الله حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها .
ومنها : الأدب فيمن اشتبه عليه العلم أن يرده إلى عالمه ، وأن يقف عند ما يعرف .
ومنها : صحة الوكالة في البيع والشراء ، وصحة الشركة في ذلك ،
لقولهم : فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ .
ومنها : جواز أكل الطيبات ، والتخير من الأطعمة ما يلائم الإنسان ويوافقه ،
إذا لم تخرج إلى حد الإسراف المنهي عنه ، لقوله : فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ .
ومنها : الحث [ على ] التحرز والاستخفاء ، والبعد عن مواقع الفتن في الدين ،
واستعمال الكتمان الذي يدرأ عن الإنسان الشر .
ومنها : بيان رغبة هؤلاء الفتية في الدين ، وفرارهم من كل فتنة في دينهم ،
وتركهم لأوطانهم وعوائدهم في الله .
ومنها : ذكر ما اشتمل عليه الشر من المضار والمفاسد الداعية لبغضه وتركه ،
وأن هذه الطريقة طريقة المؤمنين .
ومنها : أن قوله : قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا الكهف /21 ،
فيه دليل على أن هؤلاء القوم الذين بعثوا في زمانهم أناس أهل تدين ؛ لأنهم عظموهم هذا التعظيم حتى عزموا على اتخاذ مسجد على كهفهم ،
وهذا إن كان ممنوعا – وخصوصا في شريعتنا – فالمقصود بيان أن ذلك الخوف العظيم من أهل الكهف وقت إيمانهم ودخولهم في الغار أبدلهم الله به بعد ذلك أمنا وتعظيما من الخلق ،
وهذه عوائد الله فيمن تحمل المشاق من أجله أن يجعل له العاقبة الحميدة .
ومنها : أن كثرة البحث وطوله في المسائل التي لا أهمية لها لا ينبغي الانهماك به ، لقوله :
فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا الكهف /22 .
ومنها : أن سؤال من لا علم له في القضية المسئول فيها ، أو لا يوثق به : منهي عنه ، لقوله :
وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا الكهف/22. ” انتهى.
والله أعلم.
More Stories
علاقتي مع أمي سيئة ولا أستطع إصلاحها، فماذا أفعل؟
📍متى يجوز للمصلي أن يتجه إلى غير جهة القبلة في الصلاة❓
أريد الزواج ووجدت فتاة مناسبة لكن أمي رافضة، ما نصيحتكم؟