26 يوليو 2024

12 من حديث (أن النبي ﷺ كان يقول في دبر كل صلاة

12 من حديث (أن النبي ﷺ كان يقول في دبر كل صلاة


شرح حديث: مَن سبَّح الله دبرَ كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((مَن سبَّح الله دبرَ كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمِد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين،

فتلك تسعٌ وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك

وله الحمد وهو على كل شيء قدير – غُفِرت خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر))؛ رواه مسلم.

المفردات:

(سبَّح الله)؛ أي: قال سبحان الله.

(حمِد الله)؛ أي: قال: الحمد لله.

(وكبَّر الله)؛ أي: قال: الله أكبر.

(خطاياه): ذنوبه.

(زبد البحر): هو ما يعلو عليه عند اضطرابه – كالرغوة – أي: وإن كانت ذنوبه في الكثرة مثل زبد البحر.


البحث:

روى الشيخان عن أبي هريرة قال: جاء الفقراءُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المُقيم،

يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل أموال يحجُّون بها ويعتمرون، ويجاهدون ويتصدقون،

قال: ((ألا أحدثكم بما إن أخذتم أدركتُم مَن سبقكم ولم يُدرِككم أحدٌ بعدكم، وكنتم خيرَ

مَن أنتم بين ظهرانيه إلا مَن عمِل مثله؟ تُسبِّحون وتحمَدون وتكبِّرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين))، وهذا لفظ البخاري.

وحديث الباب الذي رواه مسلم يُبيِّن ما أُجْمِل في الحديث المتفق عليه، وأن التسبيح ثلاث وثلاثون وأن التحميد كذلك، وأن التكبير كذلك أيضًا.

وأما حديث كعب بن عجرة عند مسلم أن التكبير أربع وثلاثون، وما رواه مسلم من قول سهيل –

أحد رواة الحديث -: إحدى عشرة، إحدى عشرة، إحدى عشرة – فجميع ذلك كله ثلاث وثلاثون.

وكذلك ما ذكره البخاري من الاختلاف؛ إذ قال: (فاختلفنا بيننا؛ فقال بعضنا: نسبح ثلاثًا وثلاثين،

ونحمد ثلاثًا وثلاثين، ونكبر أربعًا وثلاثين)،

وما رواه الخمسة عن ابن عمر أنه (يسبح في دبر الصلاة عشرًا، ويكبر عشرًا، ويحمد عشرًا) –

فهذا كله لا يقوى على معارضةِ حديث الباب الموضح للحديث المتفق عليه؛

وذلك أن حديث كعب بن عجرة ذكره الدارقطني في استدراكاته على مسلم،

وقال: الصواب أنه موقوف على كعب بن عجرة؛ لأن مَن رفعه لا يقاومون مَن وقفه في الحفظ.

وأما قول سهيل: إحدى عشرة، إحدى عشرة، إحدى عشرة – فهذا تأويل منه موقوف عليه،

ويأباه حديث الباب المرفوع، فلا يقوى كلام سهيل على معارضته.

وأما ما ذكره البخاري من الاختلاف، فقد حسم الراوي النزاع؛ إذ بيَّن للمختلفين أن التكبير ثلاث وثلاثون؛

وأما ما رواه الخمسة عن ابن عمر، فهو كذلك لا يقوى على معارضة حديث الباب عند مسلم وحديث أبي هريرة المتفق عليه.

اسئلة ذات صلة

السؤال

ما معنى دبر كل صلاة ؟

هل معناه قبل السلام من الصلاة أم بعده ؟

الجواب

الحمد لله


أولا :


دبر الصلاة : عقبها وخلفها ، أو آخرها .


وقد ورد الترغيب في الذكر والدعاء دبر الصلوات في عدة أحاديث ، منها :


1- ما رواه البخاري (6330) ومسلم (594) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ :

(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ) .


2- وروى البخاري (6329) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ .

قَالَ : كَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالُوا : صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا ، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا ، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ ،

قَالَ أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ ،

وَلَا يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ ، تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا ، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا ، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا ) .


وللبخاري (843) : (تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ).


ولمسلم (595) : ( تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً ).


3- وروى مسلم (596) عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ : ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً ،

وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً ، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً ) .


والمراد بدبر الصلاة في هذه الأحاديث : عقب الصلاة وخلفها ، أي : بعد السلام ، كما جاء مصرحا به في بعض الروايات ،

وكذلك ما جاء في قراءة آية الكرسي والمعوذات دبر الصلاة ، فإن المراد بذلك بعد السلام .


4- وروى أبو داود (1522) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ ،

وَقَالَ : (يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ :

اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . 


بلفظ : ( فَلَا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ) وصححه الألباني في صحيح النسائي .


والمراد بدبر الصلاة هنا : آخر الصلاة قبل التسليم ؛ لأن “دبر الشيء” يكون منه ، ويتأكد هذا بقوله في رواية النسائي : (في كل صلاة) .


قال ابن القيم رحمه الله في “زاد المعاد” (1/294) : ” ودبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده ، وكان شيخنا [أي ابن تيمية] يرجح أن يكون قبل السلام ، فراجعته فيه ، فقال : دبر كل شئ منه كدبر الحيوان ” انتهى .


5- وروى الترمذي (3499) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ :

( جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ) والحديث حسنه الترمذي والألباني في صحيح الترمذي .


والظاهر أن المراد بدبر الصلاة هنا : قبل السلام .


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “والظاهر أن المراد بدبر الصلوات المكتوبة في حديث أبي أمامة “إن صح” آخر الصلاة” انتهى .


وقد ذكر أهل العلم في ذلك : أن ما ورد في النصوص مقيداً بدبر الصلاة ، فإن كان ذِكْراً

(كالتسبيح والتحميد والتكبير وقراءة آية الكرسي والمعوذات) فالمراد بدبر الصلاة هنا : بعدها.


وإن كان دعاءً ، فالمراد بدبر الصلاة : آخرها ، أي قبل التسليم .


إلا إذا جاء ما يدل على أن هذا الدعاء المعين يقال بعد التسليم ، كقوله صلى الله عليه وسلم

(استغفر الله ثلاثاً) ، فهذا دعاء ولكن دلت السنة على أنه يقال بعد السلام . 


وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : 
ما المراد بدبر الصلاة في الأحاديث التي ورد فيها الحث على الدعاء أو الذكر دبر كل صلاة ؟

هل هو آخر الصلاة أو بعد السلام ؟ 


فأجاب 
“دبر الصلاة يطلق على آخرها قبل السلام ، ويطلق على ما بعد السلام مباشرة ،

وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك

وأكثرها يدل على أن المراد آخرها قبل السلام فيما يتعلق بالدعاء، كحديث ابن مسعود رضي الله عنه لما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم التشهد ،

ثم قال : (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو) وفي لفظ : (ثم ليتخير بعد المسألة ما شاء) . متفق على صحته .


ومن ذلك : حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :

(لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك)


ومن ذلك : ما رواه البخاري رحمه الله عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم

يقول دبر كل صلاة :

(اللهم إني أعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك من أن أُرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، ومن عذاب القبر) . 


أما الأذكار الواردة في ذلك

، فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ذلك في دبر الصلاة بعد السلام . ومن ذلك أن يقول حين يُسلم :

أستغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر الله ، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ،

سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً ثم ينصرف الإمام بعد ذلك إلى المأمومين ويعطيهم وجهه ،

ويقول الإمام والمأموم والمنفرد بعد هذا الذكر والاستغفار : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ،

لا حول ولا قوة إلا بالله . لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن .

لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .

اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد .


ويستحب أن يقول المسلم والمسلمة هذا الذكر بعد كل صلاة من الصلوات الخمس

ثم يُسبح الله ويحمده ويكبره ثلاثاً وثلاثين ثم يقول تمام المائة :

لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .

وهذا كله قد ثبتت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

ويُستحب أن يقرأ بعد ذلك آية الكرسي مرة واحدة سراً ،

ويقرأ : (قل هو الله أحد) والمعوذتين بعد كل صلاة سراً مرة واحدة ،

إلا في المغرب والفجر فيُستحب له أن يكرر قراءة السور الثلاث المذكورة ثلاث مرات ،

ويُستحب أيضاً للمسلم والمسلمة بعد صلاة المغرب والفجر أن يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،

له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ،

عشر مرات زيادة على ما تقدم قبل قراءة آية الكرسي وقبل قراءة السور الثلاث .

عملا بالأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك” انتهى .


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : 
“والمتأمل في هذه المسألة يتبن له : أن ما قيد بدبر الصلاة إن كان ذكراً فهو بعدها ،

وإن كان دعاء فهو في آخرها .


أما الأول : فلأن الله تعالى جعل ما بعد الصلاة محلاً للذكر ، فقال تعالى :

(فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) النساء/103 ،

وجاءت السنة مبينة لما أجمل في هذه الآية من الذكر مثل قوله صلى الله عليه وسلم :

(من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين).

فيحمل كل نص في الذكر مقيد بدبر الصلاة على ما بعدها ليطابق الآية الكريمة .


وأما الثاني : فلأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ما بعد التشهد الأخير محلا للدعاء ،

فيحمل كل نص في الدعاء مقيد بدبر الصلاة على آخرها ،

ليكون الدعاء في المحل الذي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء فيه ،

إلا أن يكون حمل النص على ذلك ممتنعاً ، أو بعيداً بمقتضى السياق المعين فيحمل على ما يقتضيه السياق” انتهى . 


 يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام