4 ديسمبر 2024

من هم قوم عاد وثمود

قوم عاد وثمود

قوم عاد وثمود من أشهر الأقوام الذين وردَ ذكرُهم في كتابِ الله

وخُلِّدت قصّتاهما ليتفرّد القرآن الكريم بذكر هاتين القصتين دونًا عن باقي الكتب السماوية بهذا الشكل المُفصَّل،

فقد أرسل الله تعالى إليهما نبييّن ورسوليْن كريمين هما هود وصالح -عليهما الصلاة والسلام-

وقد بذلا ما بوسعهما لدعوة قوميهما للهداية والرشاد،

وحاولا إبعادَها عن غضب الله وعمّا كانا فيه من ضلال إلّا أنهما لم يستجيبا لهذه الدعوة،

فحلّ عقاب الله تعالى عليهم بسبب ذنوبهم وإسرافهم، والجدير بالذكر أنّ الترتبب الزمني لهذين القومين هو قوم عاد ثم قوم ثمود.

قصة قوم عاد وثمود

طِبقًا للتاريخ الإسلامي ومَرويّات السلف وموسوعة البداية والنهاية لابن كثير المُؤرِّخ الأموي الشهير فإنّ عاد هو بن عوض بن أرم بن سام،

ويُنسَب إلى نبيّ الله تعالى هود -عليه السلام- الذي أرسله الله تعالى إلى قوم عاد ليدعوهم إلى طريق الحق والخير،

ويُبعدهم عما كانوا عليه من جهل وغيّ وضلال وعن الأماكن التي كانوا يقطنونَ فيها،

وهناك العديد ممن رجّحوا أنهم قطنوا منطقة الأحقاف، والتي تقع إلى الجهة الغربية من عُمان، وإلى الجنوب من الربع الخالي،

وعاد هو مُؤسِّسُ هذه القبيلة وجدُّها الأكبر، ويُقال في روايات عديدة إنّ اسم عاد اسم عربي،

وذلك وفقًا إلى مَقول العرب العاربة: مَن عَهَدَ عادَ، أي نسبةً إلى الوفاء بالعهد،

أمّا قوم ثمود فهم الذين أُرسِلَ لهم رسولُ الله صالح -عليه السلام- ليهديهم ويخرجهم من الوثنية، غير أنّهم طلبوا منه أن يأتيهم بدليل على صدق دعوته،

فأخرج اللهُ تعالى لهم ناقة من صخرة، إلّا أنّهم استكبروا استكبارًا وأعرضوا عن الدليل وعقروا الناقة،

وهذا ما دلّلَ عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: “فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا”، 

وسُمّي قوم ثمود نسبةً للجد الأكبر ثمود، وقيل ثمود بن عامر بن أرم بن سام بن نوح،

والعديد من المؤرخيّن الثُقاة رجّحوا تواجدَهم في منطقة مدائن صالح وهذه المنطقة تقع جنوب شرق مدينة مَدين

وهي بلد نبي الله شُعيب -عليه السلام- الذي أرسله الله تعالى لاحقًا إلى قومه في هذه المدينة،

وهي ذات المدينة التي لجأ إليها نبي الله موسى عندما فرّ من مصر.

أجسام قوم عاد وثمود

سكن قوم عاد في اليمن، تحديدًا في الأحقاف وهو جبل الرمل، حيث متّعهم الله -سبحانه وتعالى- بقوةٍ في الأبدان،

وبسطَ لهم في المال الشيء الكثير حتى أصبحوا أصحاب قوة مادية وبدنية وأصحاب قوة عسكرية في زمانهم،

وكانت لهم الخلافة على الأرض من بعد قوم نوح، وحينما دعاهم هود -عليه السلام-  أخبرهم بأن قوتهم لن تُغني عنهم من الله شيئًا،

وقال الله تعالى في مَعرض هذا الذكر: “وَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ

وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” ،

وذكر الله تعالى في كتابه العزيز صورًا عن قوّتهم وعمرانهم، في مَعرض قوله تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ” ،

حيث كانت قوّتهم لا تُضاهيها أيّة قوة في ذلك الزمان، وكان لديهم متاع الحياة والرخاء والسيطرة على جميع مناحي الحياة،

وكان هذا الحال بالنسبة لقوم ثمود أيضًا من حيث البنية والقوّة والقدرة الجسدية والعسكرية.

ناقة صالح وقوم ثمود

إنّ قوم ثمود هم عرب سكنوا منطقة الحِجر وهي شمال غرب المدينة وتُسمَّى اليوم مدائن صالح،

وتعود أصولهم  إلى أصول قبيلة عاد نفسها، ولكنّهم سكنوا منطقة مختلفة،

وقد أرسل الله لهم النبي صالح بن عبيد بن هشام والذي ينتسب إلى ثمود بن عاد بن آرم بن سام،

وكان النبي صالح -قبل أن يُبعَث- من أشرافهم ومن عائلة عظيمة وعريقة، وكان يتصف بالعقل والحكمة،

وإنّهم كانوا على وشك أن ينصّبونه ملكًا، وعند بدء الرسالة دعاهم النبي صالح إلى توحيد الله والإيمان به،

وترك عبادة الأصنام وحذّرهم من الخسران، ولكنهم كانوا مستكبرين في الأرض ومتفاخرين بقوّتهم البدنية كما قوم عاد.

واستمرّ النبيّ صالح -عليه السلام- في دعوتهم وتذكيرهم، ثم قال قائلٌ منهم: “ياصالح إن كنتَ نبيًا حقًا فآتنا بمعجزة لنصدّقك”،

واجتمع كبراؤهم بعد ذلك وأرادوا أن يختاروا معجزة، فطلبوا منه إخراج ناقة من صخرة كبيرة، على أن تكون حمراء اللون وحامل في شهرها العاشر،

فطلب النبي الكريم بجمع الناس، و عكف على دعاء ربه بأن يُخرِجَ الناقة من هذه الصخرة،

ويستجيب الله تعالى لدعاء صالح وتبدأ الصخرة بالتزلزل والاهتزاز،

وتخرج ناقة ضخمة في مشهد رهيب وبجميع المواصفات التي طلبوها،

فشَخصت أبصارهم وجفّت حلوقهم وعُقِدت ألسنتهم، ثمّ قال لهم صالح إنّ هذه الناقة ناقة الله وسوف تعيش بينكم فذروها تأكل وتشرب في أرض الله الواسعة،

ثمّ نبّههم بأن أي شيءٍ يحدث لها فسوف يُنزل الله عليكم العذاب والعقاب وبدأت الناس تلين لصالح في وجود الناقة،

ولكنّ قلوبهم الجافية وضلالهم الشديد جعلهم يجمعون على قتل الناقة، وأوكلوا المَهمة لرجل منهم. أجمع المؤرّخون أن هذا الرجل هو قدار بن صالح وهو فاسد جبّار،

وكان له أصحاب مثله يفسدون في الأرض، وشاورَ هؤلاء النفر كبراءَ القوم عن نيّتهم عقرَ الناقة وقتلها،

فوافقوا على ذلك فقتلوها، وكانت بهذه الفترة قد ولدت الناقة فقتلوا المولود أيضًا،

فهدّدهم صالح بإنزال العذاب عليهم خلال ثلاثة أيام،

فاجتمع النفر الذين قتلوا الناقة، وبدأوا يخططون لقتل النبي صالح،

فجاءت الأوامر لصالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين -قبل أن يهجموا عليهم- بالخروج من القرية والتوجّه إلى فلسطين،

وبينما كان النفر الذين عقروا الناقة يخططون للهجوم على النبي -صالح عليه السلام- ومن معه تَدمَّر البيت الذين كانوا فيه على رؤوسهم،

و كانت هذه بداية العذاب، واصفرّت وجوههم في أول يوم، و في اليوم الثاني احمرّت وجوههم،

وفي اليوم الثالث اسودّت وجوههم، ثمّ بدأت الزلازل في قراهم وأراضيهم، ثمّ شرعت الصواعق تنزل عليهم من السماء،

ثمّ انتهى الأمر بصيحة عظيمة صدرت من جبريل -عليه السلام- فلم يبقَ منهم أحد، ونجّى الله تعالى النبي صالح -عليه السلام- والذين آمنوا معه. 

 يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام