26 يوليو 2024

خطبة الجمعة بعنوان (الاحتفال بأعياد الكفار حرامٌ في شرع الله )

خطبة الجمعة بعنوان (حكم الاحتفال يرأس السنة الميلادية )

أيها المسلمون:

إنَّ لأهل الكتاب من اليهود والنصارى أعيادهم الخاصة بهم فأعياد النصارى كثيرة جدا تربو على مئة وأربعين عيدا، ومنها عيد الميلاد وهو المعروف بالكريسماس،

وقد نهانا الإسلام عن التشبه بالكفار قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:

“مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ“؛ (أخرجه الإمام أحمد وأبو داود).

 روى الشّيخان من حديث عائشة –رضي الله تعالى عنها-


أنّ النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قالَ:(يا أبا بكر إنّ لكُلِّ قومٍ عيدًا وهذا عيدُنَا)،

لمّا دخل أبو بكرٍ على ابنته عائشة –رضي الله تعالى عنها- وعندَها جاريتان تُغنِّيان فأنكَر عليهَا ذلكَ:

(أبِمزمار الشّيطان في بيت رسول الله؟!) 


حديثنا اليوم عن أعياد النصارى, وأبرزُها عيد رأس السنة الذي يحل بعد أيام.


أيها المسلمون:

يتخذ الغزو الفكري والعولمة الثقافية, أشكالاً عديدة وألواناً مختلفة، لعل أخطرَها ذلك الذي يتصل بالجانب العقدي,

ويتسلل بنعومة ويتسرب خفية, فلا ينتبه الناس إلاّ وقد تورطوا في أعمال مخالفة للشرع, منافية لأخلاقهم، وخير نموذج لذلك الغزو,

وأصدق تمثيل لتلك الممارسات, ما يحدث في معظم بلاد المسلمين من تقليد الغربيين,

في الاحتفال برأس السنة الميلادية, ومجاراتِهم في طقوس هذا الحفل,

فترى بعض المسلمين يُعِدُّون له بجدّ وحماس، فيتسابقون إلى محلات الحلويات لشراء كعكة الميلاد، ويزينون منازلهم بالأضواء،

ويحرصون على اقتناء الشجرة المعروفة، ويُهدون إلى أطفالهم لعباً نفيسة, وربما أوهموهم أنها من (بابا نويل)..! زعموا.


إن المسلمين المنهزمين اليوم, قلدوا الغرب “القوي” في كل شيء سافل تافه,

من الأقوال والأفعال، ليس في العلم والاختراع والصناعة والابتكار والجدّ،

وإنما قلدوه في الأخلاق والأكل والشرب, واللغة والعادات, وفي قوانين الحكم ونظم الحياة, ومن جملة ما قلدوه فيه,

مصيبة الاحتفال برأس السنة الميلادية، باسم الرقي والتقدم والحضارة والتطور،

وتحت شعارات:

التعايشُ السلمي والأُخوةُ الإنسانية، والنظامُ العالمي الجديد والعولمة، وغيرها من الشعارات البراقة الخادعة.


لقد انتشر هذا المنكر الشنيع بين المسلمين وانشغلوا به انشغالا كبيرا، واهتمّوا به وتهيّؤوا له، واتخذوا مناسبته عطلة وعيدا لهم،

وذلك بسبب ضعف الإيمان في قلوبهم, وتقليد النصارى واتِّباع سيرتهم ونهجهم في كل ما يفعلونه،

وبسبب الانبهار والإعجاب بحضارة الغرب المادية الزائفة, والانخداع ببريقها المخدر،

وبسبب الغزو الفكري والثقافي, والترويج الإعلامي الذي يحرّض على هذه الضلالات، ويَلفتُ إليها أنظار الناس وأسماعهم،

فما أن تقتربَ هذه المناسبة, حتى ترى المسلمين يستعدون لها وكأنها من أصول الإسلام،

بل منهم من يعتبرها أهم وأولى من الأعياد والمناسبات الدينية,

والأحداثِ التاريخية الإسلامية،

فجعلوها معيارا يسير عليه التاريخ، بدل اعتماد التاريخ الهجري, الذي يجعل المسلمين مرتبطين بأصولهم ودينهم،

وسبب ذلك أن الناس أصيبوا بخلل في معارفهم الدينية, ونقص في زادهم الإيماني،

حتى أصبحوا لا يفرقون بين ما هو حلال وبين ما هو حرام، ولا بين ما هو أصيل ولا ما هو دخيل.


ويَعظُم الإثم بما يفعله بعض المسلمين اليوم, من السفر إلى بلاد النصارى في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر,

لمشاركة النصارى حفلاتهم, ولا شك أن هذا (سفر معصية) يأثم صاحبه.


ولا يدري هؤلاء المساكين, الذين يهللون ويرقصون لمقدم السنة الجديدة,

أن ذلك يدخل في موالاة النصارى باتباعهم في عاداتهم، وتعظيم شعائرهم الدينية، ومشاركتهم في خصائصهم.


إخوة الإيمان،

إن هذا التقليدَ الكلّي لما هو غربي، ناتجٌ عن نقصان الإيمان بالله أو انعدامه، مع ضياع العقيدةِ الصحيحةِ أو انعدامها،

وانسلاخٌ من مستلزمات التميز الإسلامي، ومنكر يُدخِلنا في دائرةِ من قَالَ فيهم رَسُولُ اللَّهِ:

“مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ” رواه أحمد وأبو داود.


قال الإمام أحمد: “وهذا الحديثُ أقلُّ أحواله أنه يقتضي تحريمَ التشبُّهِ بهم، وإن كان ظاهرهُ يقتضي كفرَ المتشبِّهِ بهم،

كما في قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} اهـ كلامه,

وتشبُّهُ المسلمين بالكفار هبوط وسفولٌ، لأن المسلمَ أعلى من الكافر،

فإذا قلدَهُ هبط من عليائِهِ ومنزلتِهِ، واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وهذا كفرانٌ للنعمةِ وإهانة للإسلام،

والإسلامُ يعلو ولا يُعلى عليهِ, وشريعتنا تقيمُ لنا هدْياً مخالفاً للكفار من أهل الكتاب وغيرهم، فشريعتنا ناسخة لا منسوخة، وأمتنا متبوعة لا تابعة.


وعليه لا يَحِلُّ لمسلم أن يُحْييَ عيدَ رأس السنةِ، فليسَ عيدُنا أهلَ الإسلام هذا اليوم.


وعلى تجار المسلمين أن لا يساهموا في مظاهر الاحتفال،

فيتشبهوا بالتجار من النصارى في نوع التجارة التي يروجون لها هذه الأيام، وعدم تزيينُ المحلات بالأضواءِ ونحوها.


ومن صور المشاركة

أن نبيعهم كل ما يستعينون به على إقامة شعائر دينهم وأعيادهم، وهذا لا يجوز،

وبيعهم هذه الأشياءَ حرام، فلا يجوز أن يباع لهم أي شيء,

يستعينون به على إقامة كفرهم وضلالهم وشعائرهم الدينية، فالذي يستورد لهم شجرة الميلاد, والذي يبيع لهم أنوار الزينة,

والذي يبيع لهم بطاقات المعايدة والتهنئة, والذي يؤجر لهم الفنادق أو المسارح, أو المجمعات السكنية, ليقيموا فيها حفلات الميلاد,

فعمله هذا حرام، وماله الذي يجنيه من ذلك سحت، وأي لحم نبت من سحت فالنار أولى به، قال شيخ الإسلام: “ولا يجوز بيع كل ما يستعينون به على إقامة شعائر دينهم”.


ونقلَ الفقيه المغربيُّ ابنُ الحاج في كتابه المدخل، عن علماء المذهب المالكي, أنه:

“لا يَحِلُّ للمسلمينَ أن يبيعوا للنصارى شيئاً من مصلحةِ عيدِهمْ، لا لحْماً ولا إداماً ولا ثوباً… ولا يعانون على شيءٍ من دينهم,

لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونِهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن يَنهوُا المسلمين عن ذلك,

وهو قولُ مالكٍ وغيرهِ، لم أعلمْ أحداً اختلفَ في ذلكَ” اهـ كلامه.


والواجب علينا أيها الإخوة

أن نقاطع هذه الاحتفالات، ألا يستطيع كلُّ واحدٍ منا أن يَمْنعَ أولادَهُ وبناتِهِ,

وكلَّ من في بيتِهِ عن هذه الاحتفالاتِ الماجنةِ.


فباللهِ عليكم, كيفَ يُعْقلُ من أبٍ مسلِم أن يرَى أولادَهُ وبناتِه, يستعدون ويهيئون داخل بيته للاحتفال برأس السنة, وهو لا يحرِّكُ ساكناً.


بل من الآباء المسلمين من يشاركهمْ في احتفالهم, فيشتري لهم كلَّ الحاجياتِ، ويهيئُ لهم الجوَّ المناسبَ ليسهرَ مع أهله ومعارفه،

وأصدقاء بناته, وصديقات أبنائه, على أنغام الموسيقى المائعةِ والأغاني الخليعةِ، والرَّقص المختلطِ,

وكلِّ ما حرَّمَ اللهُ من أعمالٍ يندى لها الجبينُ، وتبكي لها المروءَة، وتئنُّ منها الغَيْرَة، وتشكو منها الفضيلة.


ويَعدُّ كلَّ هذا شيئاً عادِياً لا حرَجَ فيه، وينسى أنه مسؤولٌ عن رعيته الخاصةِ وصيانتها. قال تعالى:

{ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.


والأدهى والأمرّ, أنّ كثيراً من المسلمين سيشاركون في تلك الاحتفالات,

بدعوى أنها مناسبة عالمية تهم سكان الأرض كلَّهم، وما علم هؤلاء,

أنّ هذا الاحتفال هو احتفال بِعِيد ديني نصراني (عيد ميلاد المسيح وعيد رأس السنة الميلادية)

وأنّ المشاركة فيه مشاركة في شعيرة من شعائر دينهم،

والفرحَ به فرحٌ بشعائر الكفر وظهوره وعلوه، وفي ذلك من الخطر على عقيدة المسلم وإيمانه ما فيه.


عباد الله:

العيد هو شعار كل قوم أو شعب، فإذا أمكن لنا أن نستورد من أمة ما, أشياءَ نحن بأمس الحاجة إليها، كبعض السلع والصناعات مثلاً,

فلا يمكن أن نستورد أيضاً أعيادها وطقوسها في الاحتفال,

إن العيد ليس فقط عبارة عن تزاور وأكل وفرح، بل هو دليل على الانتماء الحضاري أو الديني،

وهو يشعرك بأنك جزء من الجماعة التي تحتفل به، تفرح إذا فرحت وتحزن إذا أصيبت، ولذلك

“حين زجر أبو بكر الجاريتين اللتين كانتا تغنيان في بيت عائشة, صرفه عن ذلك النبي الكريم

وقال له: يا أبا بكر! إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا”. رواه البخاري ومسلم.


لقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم, للمجتمع الوليد الذي أسسه, أعيادَه الخاصة به،

وأسقط أيامه وأعياده الجاهلية، وكان ذلك جزء من بناء الأمة الجديدة,

فحين قدم النبي المدينة وجد لأهلها يومين يلعبون فيهما، فسألهم: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية،

فقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر”. رواه أحمد وأبوداود.


إن الناس يحتاجون إلى العيد والاحتفال؛ فتلك طبيعة بشرية قديمة،

ولهذا كان الشارع حكيماً حين وضع للمسلمين أياماً خاصة يعيِّدون فيها،

فيأكلون ويفرحون ويتزاورون, وذلك إشباعاً لغريزة إنسانية, هي الاحتفال بأيام استثنائية ليست كسائر أيام السنة,

ولذا يجب أن نعتني أكثر بأعيادنا، ونعظمها ونستعد لها،

ولا بأس أن نبدع فيها طرائق متعددة للاحتفال, مما يتغير بتغير العصر والزمان.


عباد الله:

الأدلة على تحريم الاحتفال بأعياد النصارى كثيرة, قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

قال ابن عطية: “نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية, عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء,

في النصرة والخلطة المؤدية إلى الامتزاج والمعاضدة,

وحكم هذه الآية باقٍ، وكل من أكثر مخالطة هذين الصنفين, فله حظه من هذا المقت الذي تضمنه

قوله تعالى: {فَإنَّهُ مِنْهُمْ}. وقال تعالى أيضا:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ}.


وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم،

قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!”.


أما النهي عن مشابهة اليهود والنصارى, في أمور مخصوصة والأمر بمخالفتهم,

فقد تواترت الأدلة على معناه, ومن ذلك قوله عليه السلام:

“إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم”. وقوله: “خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب، وأوفوا اللحى”

, وقوله: “خالفوا اليهود، فإنهم لا يُصلُّون في نعالهم ولا خفافهم”,

وكذلك الأمر بمخالفتهم في صيام عاشوراء, بأن يضاف إليه التاسع, وغير ذلك من العادات والعبادات،

فهذا يدل على أن مخالفتهم مطلوبة.


حتى قال اليهود أنفسهم عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه! رواه مسلم.


قال شيخ الإسلام رحمه الله:

“قد بالغ صلى الله عليه وسلم في أمر أمته بمخالفتهم, في كثير من المباحات وصفات الطاعات؛

لئلا يكون ذلك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم،

ولتكون المخالفة في ذلك حاجزاً ومانعاً عن سائر أمورهم، فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أصحاب الجحيم, كان أبعد عن أعمال أهل الجحيم”.

وقال أيضا: “فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة،

والمشاركة في الهدي الظاهر توجب مناسبة وائتلافاً وإنْ بعد المكان والزمان،

وهذا أمر محسوس. فمشابهتهم في أعيادهم ولو بالقليل هو سبب لنوع ما من اكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة” اهـ كلامه


عباد الله: أقول قولي هذا, وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


الخطبة الثانية


الحمد لله وكفى, وسلام على عباده الذين اصطفى, أما بعد عباد الله: إن من الأصول العظيمة التي هي من أصول ديننا,

الولاء للإسلام وأهله، والبراءة من الكفر وأهله،

ومن مُحتِّمات تلك البراءة من الكفر وأهله تميّزُ المسلم عن أهل الكفر، واعتزازُه بدينه وفخره بإسلامه,

مهما كانت أحوال الكفار قوة وتقدماً وحضارة، ومهما كانت أحوال المسلمين ضعفاً وتخلفاً وتفرقاً، ولا يجوز بحال من الأحوال,

أن تُتَّخذ قوة الكفار وضعفُ المسلمين ذريعةً لتقليدهم ومسوغاً للتشبه بهم, كما يدعو إلى ذلك المنافقون والمنهزمون؛

ذلك أنّ النصوص التي حرمت التشبه بالكفار ونهتْ عن تقليدهم, لم تفرق بين حال الضعف والقوة؛

لأن المسلم باستطاعته التميز بدينه والفخر بإسلامه, حتى في حال ضعفه وتأخره.


والاعتزازُ بالإسلام والفخرُ به دعا إليه ربنا تبارك وتعالى, وعدّه من أحسن القول وأحسن الفخر؛ حيث قال:

{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}.


إن حرص النصارى على إقامة هذه الأعياد الكفرية, يُعدّ جزء من عقيدتهم، لذا فلا يُستغرب حرصهم على إقامتها،

بل بذل كل ما في وسعهم لإزالة العقبات التي قد تحول بينهم وبين إقامتها،

لكن المصيبة هي مشاركة بعض المسلمين لهؤلاء النصارى في هذه الأعياد الكفرية،

وهذه المشاركة أخذت صورًا عدة في زماننا هذا، فمن المسلمين من يشاركهم في حضورها ويحتفل معهم,

فكيف يرضى مسلم لنفسه أن يقع في مثل هذه الأمور؟!

كيف يرضى مسلم لنفسه أن يلوث عقيدته الصافية النقية ـ

عقيدة لا إله إلا الله ـ بعقيدة النصارى الذين يدّعون بأن الله ثالث ثلاثة, تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرا؟!


إن مشاركة المسلم الكفار النصارى بهذا الشكل, ليست مسألة إثم ومعصية فقط،

وليست مسألة خطأ وزلة، لكنها قد تكون مسألة إيمان وكفر.


ومن صور المشاركة ب الاحتفال :

التهنئة؛ وذلك بأن يهنئ المسلم بعض الكفار بأعيادهم، وهذا يقع فيه الكثير من موظفي الشركات التي يعمل فيها عدد كبير من النصارى،

بل ربما يصل الأمر إلى إرسال بعض المسلمين بطاقات التهنئة لبعض الكفار بمناسبة أعيادهم.


وهذا ـ يا عباد الله ـ منكر عظيم وحرام كبير، قال ابن القيم في كتابه أحكام أهل الذمة:

“أما تهنئتهم بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق،

وذلك مثل أن يهنئهم بأعيادهم، فهذا إن سلم قائله من الكفر, فهو من المحرمات” انتهى كلامه.

قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:

”لم يشرع لنا سبحانه وتعالى عيدا للميلاد؛ لا ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا غيره، بل قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين،

ومن التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم؛ فالواجب على أهل الإسلام ترك ذلك والحذر منه،

وإنكاره على من فعله وعدم نشر أو بث ما يشجع على ذلك أو يوهم إباحته في الإذاعة أو الصحافة أو التلفاز؛

لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد“؛ (متفق عليه)،

 وقوله -صلى الله عليه وسلم-: “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد“؛

وفي سؤال وجِّه للجنة الدائمة للإفتاء عن حكم إقامة أعياد الميلاد

فأجابت بأنَّ:

“أعياد الموالد نوع من العبادات المحدثة في دين الله؛ فلا يجوز عملها لأي أحد من الناس مهما كان مقامه أو دوره في الحياة؛

فأكرم الخلق وأفضل الرسل -عليهم الصلاة والسلام- محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحفظ عنه أنه أقام لمولده عيدا ولا أرشد إليه أمته،

وأفضل هذه الأمة بعد نبيها خلفاؤها وأصحابه ولم يحفظ عنهم أنهم أقاموا عيدا لمولده أو لمولد أحد منهم رضوان الله عليهم، والخير في اتباع هديهم وما استقوه من مدرسة نبيهم -صلى الله عليه وسلم-،

يضاف إلى ذلك ما في هذه البدعة من التشبه باليهود والنصارى وغيرهم من الكفرة فيما أحدثوه من الأعياد، والله المستعان“.


أيها المسلمون،

وهنا سؤال يفرض نفسه: هل الدول النصرانية تسمح للمسلمين بأن يقيموا أعيادَهم ومناسباتِهم, أو حتى على الأقل تأبه لهم؟!

وهل سمعنا عن دولة ما, أنها أعطت المسلمين العاملين في بلادها عطلة رسمية,

لكي يحتفلوا بأعيادهم ويعبدوا الله عز وجل كما يريدون؟!

هناك بعض الدول الكافرة تبلغ فيها نسبة المسلمين أكثرَ من عشرين في المائة،

ومع ذلك لا يعطون أية فرصة لرفع شعار دينهم،

أمّا نحن فنقرهم على الكفر والبدعة، فلماذا نكرمهم وهم يهينوننا؟! ولماذا نقدرهم وهم يسخرون منا ومن نبينا؟! لماذا نمكن لهم في بلادنا وهم يحاربوننا؟!


إن مثل هذه المعادلةِ لا يشعر المسلم معها بالعزة والكرامة، بل يشعر بالذلة والمهانة،

ومع كل أسف فإننا نسمع من بعض المسلمين من بني جلدتنا,

من يتشدق بدعوى التسامح، وأن هذا من باب التسامح معهم، والإسلام دين السماحة.

إن التسامح أيها الإخوة, لا يكون من الأضعف المقلِّد إلى القويّ المبتدع

، كما أن الأعياد الدينية النصرانية الكافرة, ليست من أبواب التسامح مع الكفار في شيء,

وعلينا التفريق بين البر بغير المسلمين بمعنى حسن المعاملة والعدل،

وبين إقرارهم على كفرهم وضلالهم، فيجوز مثلاً أن تهنئ أحدهم بمولود جديد,

أو عودة من سفر أو شفاء من مرض، لكن لا يجوز تهنئتهم بأعيادهم الدينية, أو مشاركتُهمُ الاحتفال بها.


على العقلاء من المسلمين أن يتدبروا في معاني ومغازي الاحتفال بهذه الأعياد مع النصارى،

ويَحْذروا من عواقب هذه الممارسات على دينهم وأثرها على أجيالهم. ومن هذه المساوئ:


أن الاحتفال بأعياد النصارى يدخل المسلم في فعل المحظور, واقتراف المنهي عنه من اختلاط ومجون.


ومن ذلك أنّ الاحتفال بأعياد النصارى يذهب بعقيدة الولاء والبراء, ويُضعف الانتماء لخير أمة أخرجت للناس.


ومن ذلك أنّ الجو الاحتفالي الصاخب, يرسخ في أذهان ناشئة المسلمين وعقلهم الباطن, أن النصارى على حق فيُحبون هذه الأعياد,

لما يجدونه فيها من الفرحة والتوسعة, وتزداد في هذه الاحتفالاتِ مظاهر التبرج والسفور مع الموسيقى والرقص,

وما يجرّه ذلك من فسق يستوجب غضب الله تعالى وإنزال عقابه.


وتطورت مظاهر الاحتفالات بين الشباب, إلى درجة أشبه بالجنون و(الهستريا),

من صياح وتقافز في الشوارع ورش الماء على بعضهم البعض, وسهر حتى الساعات الأولى من الفجر.


لا شك أنه عيد شرك وكفر وضلال.


أيها المسلمون، ليس غريبا من النصارى أن يفعلوا مثل هذه الأفعال، فإنه ليس بعد الكفر ذنب،

وكم يقع في هذه الليلة من مصائب وحوادث, وأضرار ومعارك بين السكارى النُّدماء،

فتسيل الدماء وتسقط الأرواح, وتهتك الأعراض وتضيع الممتلكات, وتقع عمليات السرقة والنهب!


وللنصارى في ليلة رأس السنة اعتقادات باطلة وخرافات, كسائر أعيادهم المليئةِ بذلك، وهذه الاعتقادات تصدر عن صُنّاع الحضارة الحديثة,

وممن يوصفون بأنهم متحضرون, ممن يريد المنافقون من بني قومنا, اتباعهم حذو القُذّة بالقذة,

حتى في شعائرهم وخرافاتهم, لكي نضمن مواقعنا في مصافِّ أهل التقدم والحضارة،

وحتى يرضى عنها أصحاب البشرة البيضاء, حقا إنّ هذا لشيء عجيب.


فانظروا يا رعاكم الله, إلى ما نحن فيه من نعمة الإيمان والإسلام, ولكن كثيرا من الناس لا يعلمون,

نسال الله تعالى أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها, وأنْ يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة,

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين, ودمر أعداء الدين, اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيرا فأعنه ووفقه لكل خير,

ومن أراد بالإسلام والمسلمين شرا فردّ كيده في نحره, واجعل تدبيره تدميره, اللهم ول أمورنا خيارنا

, ولا تول أمورنا شرارنا, اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهم إنك حميد مجيد

 يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام