25 يوليو 2024

خطبة الجمعة عن موت الفجاة

خطبة الجمعة عن موت الفجاة

الحمد لله ربي العالمين الواحد الجبار كتب على خلقه الفناء وتفرد بالعز والبقاء نحمده سبحانه ونشكره ونستعينه ونستغفره

واشهد ان لا الاه الا الله وحده لا شريكة له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه وخليله والذي خاطبه في قوله:

 إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.

” فاللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى اصحابه وازواجه وذرياته ومن تبعه باحسان الى يوم الدين وبعد :

اصدق الحديث كتاب الله

 قال تعالى :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.”

وقوله تعالى :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ.”

وبعد فقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال (كفى بالموت واعظًا)

 ومن لم يتعض بالموت فباي شيء يتعظ ثم هل انتم في مثل هذه الايام تسمعون عن ومت الفجاة

وما اكثرها من ميتات وما اعجبها من اخبار وما اكثرها في هذه الايام احدهم مات بسكتة قلبيه

والأخر في حادث سيارة والأخر تجمدت قطرة من الدم في العرق فمات

والأخر نام على فراشه ولم يقم منه إلا جثة هامدة والآخرين سقطت عليهم بناية في غفلة من الأمر

استعدوا ,بأطفالهم


وما استعدوا ,بأطفالهم يسعدون ولأموالهم يجمعون وعلى الدنيا هم مقبلون كحالنا وما أكثر هؤلاء وليس المتحدث ببعيد عن هذا الصنف


كلنا ذالك الرجل لأمواله يجمع وبأطفاله يمرح وللمستقبل يبني ويعمر ويأمل لأمل بعيد لا يستعد ولا يتقرب الموت ان ينزل في ساعته


في وقت وجيز لذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم كما عند اصحاب السنن انه قال :

“من علامات الساعة موت الفجأة .”فالموت على غرة حيث لايتهيء العبد ولا يستعد ولا يتزود

قال تعالى :” اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ .”

تجده فالدنيا مغيب للصلوات مفارق للجماعات يعكف على الكبائر والمحرمات وكأنه ليس المقصود بأجل محتوم وساعة محددة مرتقبة

قال تعالى:” قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.”

إن الموت يتربص

أي إن الموت يتربص بكم وسيأتي ولا شك ولا ريب في ذلك وما من احد إلا

وهو موقن بهذا الحق الذي لأريب فيه فكل منا يعلم انه ميت لا محالة

وانه محكوما عليه حكما ربانيا قاطعا جازما بالموت لكن الاعراض والغفلة والنسيان ما يغيب عنا هذه الحقيقة

قال تعالى :” كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ ۜ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُوَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ

فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ وَلَٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ

ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ .”

فلحظتها لا ينفع شيء لا المال ولا الأهل ولا الأولاد حتى تتأمل

وتتدبر يا عبد الله في حال نفسك فنحن نسعى فالدنيا كأننا فيها خالدون كأنه لا موت وهذه فطرة فطرنا الله عليها :

” وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا .”

ما استثنى الملك احدا فليس العيب في جمع المال فقد جمع كبار الصحابة المال

مثل عبد الرحمان ابن عوف وعثمان ابن عفان وغيرهم بل العيب ان تعقد القلب على حب المال

ويسكن في فؤاده ولا يهمه ان كسبه من حلال او من حرام ولا يفكر فاللقاء مع الله

وكان المعيار الوحيد فالحياة الدنيا فلان غني وفلان فقير

قال علي رضي الله عنه :” الغناء والفقر بعد العرض على الله “.

الدنيا فلا غناء ولا فقر

اما في الدنيا فلا غناء ولا فقر كل ذلك وهم وهذا الذي تمييز به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا حقيقة الحياة الدني

لذلك حينما اخبر صلى الله عليه وسلم على ما سيكون عليه حال الامة قال :

“ينبض في قلوبكم الوهم وينزع من صدور اعدائهم المهام قيل وما الوهم يا رسول الله قال حب الدنيا وكراهية الموت

فمن احب لقاء الله احب الله لقاءه قالت ام المؤمنين عائشة يا رسول الله كلنا نكره الموت قال ليس ذلك يا عائشة

ولكن المؤمن اذا بشر برحمة من الله ورضوانه فأحب رضاء الله فحب الله لقائه والكافر

اذا بشر بسخط من الله وعذابه كره لقاء الله فكره الله لقاءه .” فهذا المعيار الذي صار عند الناس

كان الحياة ليس لها نهاية مع أنها أيام معدودة وأنفاس محسوبة ثم نرحل ونمضي الى الله

قال تعالى :” وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .”

أسباب موت الفجأة

لذلك تختلف أسباب موت وأشكاله وأصنافه فالموت لا يترك احدا كبارا وصغارا رضعا وشيوخ

لكن ما يميزه حقا ويفرقه حقا هو ماذا قدمت ؟

هذا الذي يفرق بين الناس واليكم كيف مات رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين

والصالحين من عهده كيف كانت لهم الميتة الحسنة ,

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصعد المنبر ويخطب الصحابة ويحمد الله ويثني عليه ثم يقول :

” أيها الناس من اخذت منه مالا فهذا مالي فليقتص منه ايها الناس من سلبت له عرضا

فهذا عرضي فليقتص منه ايها الناس من ظلمت له جسما فهذا بدني فليقتص منه .”

إلى أن عبدا خيره الله بين ما عنده وعند الحياة الدنيا فاختار ما عند الله ثم خشع ببصره صلى الله عليه وسلم الى السماء

وقال اللهم اغفر لي وتب علي ثم قال اللهم الرفيق الاعلى ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

ويوم ان مات عليه الصلاة والسلام دخل عليه الصديق وقبله بين جبينه

وقال طبت حيا وميتا يا رسول الله اما الميتة التي كتبها الله عليك فقد منها ثم صاحت فاطمة رضي الله عنها :

“و ابتاه اجاب ربا دعاه و ابتاه الى جنة الفردوس مأواه وا أبتاه إلى جبريل يرعاه .”

فقال الصديق هذا الحق من قول الله عز وجل .” وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ .”

ثم مات الصديق خليفة رسول الله ثم مات الفاروق عمر شهيدا وتليه بقية الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين لان الموت حق وساعة لا ريب فيها

فلا يخاف من عمل صالحا وخاف وعيد وصلى الله على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله وصحبه اجمعين الى يوم الدين.

 يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام