14 أكتوبر 2024

كيف يتعامل المسلم مع غير المسلم؟

كيف يتعامل المسلم مع غير المسلم؟

الإيمان والكفر نقيضان، لا يجتمعان ولا يرتفعان.. الإيمان من الله، والكفر من الشيطان..
الشيطان عدو لله تعالى، وعدو لمن آمن بالله تعالى..


أعلن ذلك وطلب من ربه الإمهال إلى يوم الدين، ليغوي الناس أجمعين: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين}..


فأعطاه المهلة.. فبدأ في جمع كيده وإضلال الناس.. فاتبعه كثير من الغاوين..


فارتفع لواء الكفر أمام لواء الإيمان، وبدأت العداوة، وبدأ الشيطان في أزّ الكافرين لمعاداة المؤمنين،

فكانت هذه حقيقة من حقائق الدنيا، لا ينبغي تجاهلها أو طمسها..


فالعداوة بين الفريقين باقية ما داموا فريقين، وكل ما يلوح – في بعض الأحيان – فيما بينهما من سلم أو احترام،

يمحوه حدث أو فتنة أو نازلة، تظهر حقيقة الأمر، فيظهر الكفار بالعداء الصريح،

كما قال تعالى: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون}..


فإذا كانت هذه هي الحقيقة الواقعة، وهي عداوة الكفار للمؤمنين، فكيف يكون التعامل معهم؟..


هل نعاملهم كما يعاملوننا: نظلم، ونحقد، ونحسد، ونغش، ونخدع، ونقصدهم جميعا بالعداوة؟.


أم نرتقي عن ذلك فنعاملهم معاملة المؤمن بربه، المتجرد من الهوى، المحب للناس الخير، مفرقين بين المعادين منهم وغير المعادين؟.


الدين الاسلامي دين سماحة ورحمة ولطف فوضع آداب وحقوق في التعامل في كل شئ

فهناك حقوق للمسلم علي أخيه المسلم وكيفية التعامل معه


كذلك هناك آداب وحقوق وواجبات أقرها الاسلام علي المسلم للتعامل مع الكافر

فكيف يتعامل المسلم مع الكافر ؟


هناك امور أوصي بها الاسلام لتعامل المسلم مع الكافر؟


هذه الأمور اوضحها الاسلام للمسلم للتعامل بها مع الكافر

وذلك لأن الاسلام لم يترك شئ الا كان معروضا وواردا بالقرآن والسنة ٠

من هم غير المسلمين


فغير المسلمين يَنقسِمون إلى أربعة أقسام:

1 – أهل الحرب:

 هو الكافر الذي بين المسلمين وبين دولته حالة حرب، ولا ذمة له ولا عهد، قال الشوكاني: “الحربي: الذي لا ذمة له ولا عهد”

2 – أهل الذمة: 

الكفار المقيمون تحت ذمة المسلمين بدفع الجزية؛ قال ابن القيم: “أجمع الفقهاء على أن الجزية تؤخذ من أهل الكتاب ومن المجوس”

وحُكْم أهل الذمة المعاهَدين الذين يُساكِنون المسلمين في ديارهم، ويدفعون الجزيةَ –

أنهم يخضعون للأحكام الإسلاميَّة في غير ما أُقِرُّوا عليه من أحكام العقائد والعبادات،

والزواج والطلاق، والمطعومات والملبوسات، ولهم على المسلمين الكفُّ عنهم وحمايتهم،

قال ابن الأثير: “وسُمِّي أهل الذمة؛ لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم

3 – المعاهَد: 

هو الكافر الذي بينه وبين المسلمين عهد مهادنة، قال ابن بطال: “والمعاهد: الذي بينه وبين الإمام عهد وهدنة”، وإذا دخل ديارَ المسلمين سمِّي مُستأمَنًا.

4 – أهل الأمان:

 المستأمَن: هو الحربي المقيم إقامة مؤقَّتة في ديار المسلمين، قال الشيخ محمد بن عثيمين عندما سئل:

البعضُ يتأوَّل في مسألة أهل الذمة بدعوى عدم وجود ولي الأمر العام أو الخلافة، أو لعدم وجود أهل الذمة أصلاً بدعاوى عديدة؛

ولذلك لا يَجِدون غضاضةً في دعوة الناس للاعتداء على غير المسلمين من المعاهَدين؟

فأجاب بقوله: أنا أُوافِق على أنه ليس عندنا أهل ذمة؛ لأن أهل الذمة هم الذين يخضعون لأحكام الإسلام،

ويؤدُّون الجِزيةَ، وهذا مفقود منذ زمن طويل، لكن لدينا معاهَدون ومستأمَنون، ومعاهدون معاهدة عامة، ومعاهدة خاصة،

فمن قَدِم إلى بلادنا من الكفار لعمل أو تِجارة، وسُمِح له بذلك، فهو: إما معاهَد أو مُستأمَن، فلا يجوز الاعتداء عليه؛

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن قتل معاهَدًا، لم يَرَح رائحة الجنة))،

فنحن مسلمون مستسلمون لأمر الله – عز وجل – مُحترِمون لما اقتضى الإسلام احترامه من أهل العهد والأمان،

فمَن أخلَّ بذلك فقد أساء للإسلام، وأظهره للناس بمظهر الإرهاب والغدر والخيانة،

ومَن التزم أحكام الإسلام واحترم العهود والمواثيق، فهذا هو الذي يُرجى خيره وفلاحه”

معاملة النبي عليه الصلاة والسّلام لليهود

حرص النبي -عليه الصلاة والسلام- على الدّوام على دعوة اليهود إلى الإسلام وهدايتهم، فما وجد عليه السلام أيّة فرصة للدّعوة وفوّتها،

رغم ما وجده منهم من أذىً ورفضٍ وإهانات، حتى الحروب التي خاضها النبي معهم فإنه سبقها بالدّعوة والتّذكير.

قدّم النبي صلى الله عليه وسلم لليهود حقوقَهم، فكان خير قدوةٍ للمسلمين.  

هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في معاملته للكافر

ومن هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في معاملته للكافر :

دعوته إلى الله :

استخدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أساليباً متعددة مع الكافرين في دعوتهم للدخول في الإسلام ،

وشملت دعوته ، الدعوة باللسان حيث أقام الأدلة القاطعة على إرساله لهم ،

وكان يرغبهم في الإسلام ويبين لهم محاسنه ،

ويظهر لهم حلمه وصفحه ، ويعرفهم موافقة القرآن لما في كتبهم ـ قبل تحريفها ـ ، وقبِل الهدية منهم ، وأوصى بهم خيرا .

فدعوة الكافر إلى الله ـ بحكمة ورفق ـ وتبليغه حقيقة الإسلام من أعظم الإحسان إليه ، وهي قُرْبة إلى الله ،

لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو إلى الإسلام

قال : ( فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم ) رواه البخاري 

وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) رواه مسلم .

حُسْن الجوار ، وعدم الإيذاء ، والإهداء :

حسن الجوار ، وعدم الإيذاء ، كذلك الإهداء للكافر ، وقبول الهدية منه ،

كل ذلك من هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في معاملته معه .

عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : ذُبِحتْ شاة لابن عمرو في أهله ، فقال :

أهديتم لجارنا اليهوديّ ؟، قالوا : لا ،

قال : ابعثوا إليه منها ، فإني سمعتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – يقول :

( ما زال جبريل يوصيني بالجار ، حتى ظننت أنه سيورِّثه ) رواه أحمد .

وقد قَبِل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هدية المقوقس ، وهدية كسرى ، وقبل الشاة المهدية له من اليهودية .

البيع والشراء :

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اشترى طعاما من يهودي إلى أجل ،

ورهنه درعا من حديد ) رواه البخاري ،

( توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير ) رواه البخاري .

قال الحافظ ابن حجر : ” تجوز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم على المتعامَل فيه ،

وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم ” .

وقال الشيخ ابن عثيمين : ” وأما معاملتهم في البيع والشراء ، وأن يدخلوا تحت عهدنا فهذا جائز ،

فقد كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يبيع ويشتري من اليهود ، كان اشترى طعاما لأهله ،

ومات ودرعه مرهونة عندهم ” .

عيادة الكافر :

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كان غلام يهودي يخدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم

ـ فمرض فأتاه يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده ،

فقال : أطع أبا القاسم .. فأسلم ، فخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري .

الانتفاع بما عندهم من علم :

أذِن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أن يتلقى المسلم من غير المسلم ما ينفعه في علوم الطب والزراعة وغيرها من علوم ،

فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت :

( واستأجر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ و أبو بكر رجلا من بني الديل ،

هاديا خِرِّيتا (الماهر بالطرق في السفر) ،

وهو على دين كفار قريش ، فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال ،

فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث ) رواه البخاري .


قال الشوكاني : ” الحديث فيه دليل على جواز استئجار المسلم للكافر على هداية الطريق ” .

وقد زارع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يهود خيبر على أن يعملوا ويزرعوها ، ولهم شطر ما يخرج منها .

قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ :

(أعطى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خيبر بالشطر ، فكان ذلك على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر وصدرا من خلافة عمر ،

ولم يذكر أن أبا بكر وعمر جددا الإجارة بعد ما قُبِض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) رواه البخاري .

مواقف من تعامل النبي مع اليهود

من مواقف رسول الله مع اليهود؛ فيقول: “كان غلامٌ يهوديٌّ يخدم النبي‏‏ ‏فمرض؛ فأتاه النبي‏ ‏يعوده؛ فقعد عند رأسه؛

فقال له: “أَسْلِمْ”. فنظر إلى أبيه وهو عنده؛ فقال له: أطع ‏أبا القاسم.

‏فأسلم فخرج النبي‏ ‏وهو يقول: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ”. جنازة اليهودي،

عندما مَرَّت بالنبي عليه السلام جنازة يهودي فقام النبي وقيل له إنها جنازة يهودي، فقال:” أليست نفسًا”.

موقف النبي مع يهود خيبر بعد هزيمتهم وقبولهم الصُلحَ مع النبي؛ فكانوا في موقف ضعف،

والمسلمون في موضع قوَّة وتمكين ويستطيعون فرض رأيهم بالقوة،

ولكن النبي عليه السلام كان تعامله معهم قمة العدل والرفق؛

فروى سهل بن أبي حَثْمة أنَّ نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرَّقوا فيها، ووجدوا أحدهم قتيلًا،

وقالوا للذي وُجِدَ فِيهِمْ من اليهود: قد قَتَلْتُمْ صاحبنا. قالوا: ما قتلْنَا ولا علمنا قاتلًا،

فانطلقوا إلى النبي، فقالوا: يا رسول الله، انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلاً.

فقال: “الْكُبْرَ الْكُبْرَ”. فقال لهم: “تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ؟” قالوا: ما لنا بَيِّنَةٌ! قال: “فَيَحْلِفُونَ؟”

قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود. فكره رسول الله أن يُبطل دمه،

فرفع دية القتيل من بيت مال المسلمين؛ كي تسكن الفتنة دون ضرر لليهود.

تعامل النبي مع غير المسلمين

عاش النبي صل الله عليه وسلم في مكة وكان يعيش معه كذلك الكفار والمشركين،

وفي المدينة كذلك شاركه العيش هو والمؤمنون قبائل من اليهود،

منهم يهود قريظة، وبنو قينقاع، وبنو النضير، ومجموعة من المنافقين؛

وأساس تعامل النبي صلى الله عليه وسلم معهم كان البر والإحسان والرفق ومن بعض صور تعامل النبي مع غير المسلمين ما يأتي:

العدل مع غير المسلمين

أمر الله سبحانه وتعالى نبيه والمسلمين من بعده بالعدل، فالعدل من أساس مقومات الشريعة

فلا يستقيم لأحد أن يحكم بغير العدل؛

وبهذا جاء النبي ودعوته كلها تطبيقًا واقعيًا عمليًا للعدل، ومن مظاهر عدل النبي صل الله عليه وسلم مع غير المسلمين أنه لم يكن يقيم حكمًا على أحدهم إلا ببينة،

مهما كان المدعي قريبًا منه صلى الله عليه وسلم، مثال ذلك حادثة الأشعث بن قيس واليهودي؛

فلما سرق رجل من المسلمين درعًا من جاره المسلم، وكانت الدرع في جراب به دقيق،

فجعل الدقيق ينتشر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار، ثم خبأها عند رجل من اليهود،

وبينما كل الدلائل تُشير إلى أن اليهودي هو السارق بسبب آثار الدقيق في بيته؛

كاد النبي صل الله عليه وسلم أن يحكم ضد اليهودي؛ فأنزل الله آيات تبرئ اليهودي من سورة النساء.

البر مع غير المسلمين

يقول الله تعالى:”لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم،

إن الله يحب المقسطين”،

على هدي هذه الآيات كانت علاقة النبي صل الله عليه وسلم بغير المسلمين والمخالفين له؛

فكانت امتثالًا لأوامر الله عز وجل ومثال ذلك: ما حصل عند فتح مكة عندما عاد إليها النبي منتصرًا

وفاتحًا لمكة التي آذاه أهلها ووقفوا حائطًا وسدًا أمام دعوته وانتشارها في الجزيرة العربية،

فدخلها النبي وقد طأطأ كبار مكة رؤوسهم ذلة وصغارًا ينتظرون حكمًا رادعًا؛

وما كان من النبي عليه السلام أن سألهم برقة وتلطف “ما ترون أني فاعلٌ بكم؟”

قالوا:خيرًا، أخٌ كريم وابن أخ كريم، فقال: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.

حقوق غير المسلمين في الإسلام

مُعاملة النّاس الحسنة واجبةٌ على الجميع، حتى وإن كانوا من ديانةٍ أُخرى، وقد قدّم لهم الإسلام العديد من الحقوق، منها:

حقُّ الحياة:

ترك الإسلام النّاس جميعهم ليعيشوا بسلامٍ، إلا من قتل، أو خان، أو اعتدى.

حقُّ اختيار الدين:

لم يُكره النبي أي شخصٍ أو يُجبره على دخول الإسلام، بل ترك لهم حُرّيّة الاختيار، على الرّغم من مُحاولاته العديدة لهدايتهم.

حقُّ التّملّك:

لم يمنع النّبيُّ عليه السلام أحداً من اليهود من التمّلك، ولم يُصادر أيّاً من ممتلكاتهم.

حقُّ العدل:

كان النبي عليه السلام عادلاً في التّعامل مع اليَهود وأعطاهم حقوقهم، حتى لو كان ذلك على حساب المسلمين،

وكان ينصر مظلومَهم، وتَرك لهم القضاءَ بينهم بقضاء دينهم -طالما لم يكن هناك طرف مسلمٌ في القضيّة- فحينها يكون القضاء للإسلام.

حقُ المعاملة:

أمر النبيُّ الكريم المُسلمين بمُعاملة اليهود بالبِرّ والإحسان، وجميع أخلاق المسلمين؛

فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يزور مريضهم، ويقبل هداياهم، ويعفو عن المسيء فيهم،

وكان يُتاجر معهم، ويُعاملهم بالمال، كما شاركهم أعمالهم وعاداتهم، وتواضع لهم وحاورهم وجالسهم.

واجب المسلم بالنسبة إلى غير المسلم

إن واجب المسلم بالنسبة إلى غير المسلم أمور متعددة منها:

أولا:

الدعوة إلى الله عز وجل، وهي أن يدعوه إلى الله ويبين له حقيقة الإسلام حيث أمكنه ذلك وحيث كانت لديه البصيرة؛

لأن هذا أعظم وأكبر إحسان يهديه إلى مواطنه وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم من المشركين

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»، وقوله عليه الصلاة والسلام

لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو اليهود إلى الإسلام

قال: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم»، وقال صلى الله عليه وسلم:

«من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا»،

 فدعوته إلى الله وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أهم المهمات ومن أفضل القربات.

ثانيا:

لا يظلمه في نفس ولا في مال ولا في عرض، إذا كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدا، فإنه يؤدي إليه حقه،

فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش ولا يظلمه في البدن بالضرب ولا بالقتل.

لأن كونه معاهدا أو ذميا في البلد أو مستأمنا يعصمه.

ثالثا:

لا مانع في معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

أنه اشترى من الكفار عباد الأوثان واشترى من اليهود، وهذه معاملة،

وقد توفي عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله.

رابعا:

لا يبدؤه بالسلام ولكن يرد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام» (رواه مسلم).

وقال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم» (متفق عليه)، فالمسلم لا يبدأ الكافر بالسلام،

ولكن متى سلم عليه اليهودي أو النصراني أو غيرهما من الكفار يقول “وعليكم” كما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام.

فهذا من الحقوق المشروعة بين المسلم والكافر، ومن ذلك حسن الجوار،

فإذا كان جارا لك تحسن إليه ولا تؤذه في جواره وتتصدق عليه إن كان فقيرا أو تهدي إليه إن كان غنيا وتنصح له فيما ينفعه؛

لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله فيه، ولأن الجار له حق عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

 «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» (متفق عليه)،

ولعموم قوله عز وجل: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].

وفي الحديث الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن أمها وفدت عليها

وهي مشركة في فترة الصلح الذي عقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة تريد المساعدة

فاستأذنت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك هل تصلها؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «صليها».

 وليس للمسلم مشاركتهم في احتفالاتهم أو أعيادهم، لكن لا بأس أن يعزيهم في ميتهم

إذا رأى المصلحة الشرعية في ذلك بأن يقول: “جبر الله مصيبتك” أو “أحسن لك الخلف بخير”،

وما أشبهه من الكلام الطيب، ولا يقول: “غفر الله له”، ولا يقول: “رحمه الله”

إذا كان كافرا أي لا يدعو للميت وإنما يدعو للحي بالهداية وبالعوض الصالح ونحو ذلك. 

إحسان الرسول عليه الصّلاة والسّلام وأصحابه مع اليهود والنّصارى

موافقة ومخالفة الرسول عليه الصّلاة والسّلام لليهود والنصارى

كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام لا يتوانى عن أيّ فرصة لدعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام،

وكان لطيفاً، رحيماً أثناء دعوتهم إلى الدين،

وفي بداية قدومه عليه الصّلاة والسّلام إلى المدينة كان يوافقهم على عاداتهم ليُؤلّف قلوبهم على الإسلام،

ولكنّهم عندما أصرّوا على جحودهم أمر بمخالفتهم.

عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ

فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ

فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ).

دعاء الرسول لهم

كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يدعو لهم دائماً بالهداية، وراحة البال.

عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُونَ

أَنْ يَقُولَ لَهُمْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ فَيَقُولُ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ).

بر الرسول عليه الصّلاة والسّلام

كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يبّرهم، ويزور مريضهم

عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ،

فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ: أََسلِم.

فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَه: أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَأَسلَمَ ،

فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ)

عفو الرسول عليه الصّلاة والسّلام عليهم

كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يعفو عن زلاتهم، ويطمئن على جيرانه اليهود، ويقبل منهم الهدايا، ويعفو عن الإساءة؛

فعندما حاولت المرأة اليهودية قتله بالشاة المسمومة لم يأمر بقتلها، ولم ينتقم لنفسه ولكنّه قتلها بعد أن قتلت هي صحابيّ آخر:

فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ،

قَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَيّ، قَالُوا: أَلَا تقْتُلُهَا؟ قَالَ: لَا.

 يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام