هل صلاة العصر هي الصلاة الوسطى
إنّ لصلاة العصر أهميةً كبيرةً وأمراً عظيماً؛ فهي الصلاة التي خصّها الله -سبحانه- بالذكر زيادةً في القرآن الكريم،
حيث سمّاها بالصلاة الوسطى حين قال: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى)،
فالواجب على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ أن يخصّها بالعناية الكبيرة ويُحافظ عليها،
وصحيحٌ أنّ الواجب على المسلم أن يُحافظ على جميع الصلوات الخمس، ويُؤديها بالطهارة والطمأنينة المطلوبة لها؛
إلّا أنّ لصلاة العصر مزيةٌ عظمى؛ في شدّة العقوبة وحجم الإثم المترتب على التهاون فيها، كما أنّ لها مزيةٌ في عظم الأجر المترتب على الحفاظ والاستقامة عليها مع باقي الصلوات.
المحتوى
الصّلاة الوسطى هي صلاة العصر
وهذا الرّأي أخذ به أكثر أهل العلم، وهو الرّأي المعتمد، ودلّت السنّة الصحيحة عليه .
رأي التّرمذي:
هو قول أكثر علماء الصّحابة. رأي الماوردي: هو قول جمهور التّابعين .
رأي ابن عبد البر:
هو قول أكثر أهل الأثر .
فسأل عليّاً فقال : كنّا نرى أنّها الصبح، حتى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب: (شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى ، صَلَاةِ الْعَصْر).
وهذه الرّواية أشارت إلى كلام النبيّ صلّى الله عليه وسلم كونها العصر،
وإنّ بعض الآراء الأخرى تقول إنّها الصبح وهي قويّة، إلّا أنّ العصر هو المعتمد .
بالإضافة إلى أنّ الله عظّم الإيمان الّتي يحلف بها المؤمنين بعد صلاة العصر.
ومنها: أنّ سليمان عليه الصّلاة والسلام أتلف مالاً عظيماً من الخيل لما شغله عرضها عن صلاة العصر إلى أن غابت الشّمس . قال تعالى : (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ).
حكم ترك صلاة العصر
ورد في بعض أحاديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وعيدٌ شديدٌ لمن ترك صلاة العصر متعمّداً حتى خرج وقتها؛
ولذا فقد ورد عن شيخ الإسلام -رحمه الله- أنّ تفويت صلاة العصر أشدّ وأعظم من تفويت غيرها من الصلوات؛
لأنّها الصلاة الوسطى التي خُصّت بالأمر بالحفاظ عليها، كما أنّها فُرضت على من كان قبل المسلمين فضيّعوها،
واختلف العلماء في معنى الوعيد الوارد فيمن ترك صلاة العصر إلى قولين كما يأتي:
أنّ من ترك صلاة العصر لمرةٍ واحدةٍ حتى خرج وقتها؛ كفر بذلك، وهذا اختيار إسحاق بن راهويه والشيخ ابن باز -رحمه الله-.
أنّ من ترك صلاة العصر استحلالاً لذلك حبط عمله؛ وقال آخرون تُحبط صلاته نفسها لا غيرها من أعماله؛ فهو لا يحصل على أجر من صلاها في وقتها.
أنّ من ترك صلاة العصر لا يخلو من أحد أمرين؛ إمّا أنّ يكون تاركاً للصلاة بالكلية؛ فهذا يُعدُّ كافراً ويُحبط عمله بالكلية،
وإمّا أنّ يكون تاركاً للصلاة أحياناً لا دائماً؛ فهذا لا يكفر وإنّما يُحبط عمله في اليوم الذي لم يُؤدِّ صلاة العصر فيه، وهذا الراجح في المسألة.
وقت صلاة العصر
يبدأ وقت صلاة العصر عندما يصبح ظلّ كلِّ شيءٍ مثله، وينتهي عند غروب الشمس؛ إلّا أنّ بين هذين الموعدين يوجد وقتاً اختيارياً لصلاة العصر ووقتاً اضطرارياً؛
فأمّا وقت الاختيار؛ فيستمر إلى أن يصبح ظلُّ كلِّ شيءٍ مثليه، وذهب بعض العلماء إلى أنّه يستمر إلى حين اصفرار الشمس،
أمّا وقت الاضطرار؛ فيبدأ من اصفرار الشمس إلى حين غروبها، ولا يجوز لمسلمٍ أنّ يُؤخّر الصلاة إلى هذا الوقت إلّا لضرورةٍ.
فضل صلاة العصر
سببٌ من أسباب دخول الجنة، فقد ورد في الحديث الشريف عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن صلى البَرْدين، دخل الجنة) {صحيح مسلم}.
ورد في الحديث الشريف عن رسولنا الكريم أنّه قال: (إنكم ستَرون ربَّكم كما ترون هذا القمر)،
هذا فيه تشبيه الرؤيا بالرؤيا، وليس المعنى تشبيه المرئي بالمرئي؛ لأن الله ليس كمثله شيء،
ولكنّكم ترونه رؤية حقيقية مؤكَّدة؛ كما يرى الإنسان القمر ليلة البدر، وإلّا فإنّ الله عز وجل أجلُّ وأعظم من أن يُشابهه شيء من مخلوقاته،
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخر هذا الحديث: (فإن استطعتُم ألا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا) {صحيح البخاري}،
ومعنى قبل غروبها أي صلاة العصر.
تنزل الملائكة في صلاة العصر وتشهدها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ
ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ){متفق عليه).}
يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام
More Stories
الأونروا: غزة جحيم على الأرض.. وهجمات الاحتلال على رفح مروّعة
حكم الغش في الاختبارات
مما يسهل على المرأة ولادتها إذا عَسرت ـ بإذن الله تعالى ـ