26 يوليو 2024

هل للزوجة حقوق على زوجها في الإسلام ؟

هل للزوجة حقوق على زوجها في الإسلام ؟

المشاكل الجنسية بين الازواج بين الإسلام و الواقع التونسي

صرّح خبير معتمد لدى المحاكم التونسية في الصحة الجنسية والعلاقات الأسرية مؤخرا أن 40% من حالات الطلاق تعود لمشاكل جنسية في العلاقة بين الزوجين تنتهي بهما الى الفراق.

وقد ارتفعت في السنوات الأخيرة حالات الطلاق في العالم العربي، فسجلت تونس 1000 حالة طلاق شهريا،

أي مايعادل 4 حالات كل 3 ساعات، أرقام صادمة، يلخصها المثل التونسي القائل “بعد التصديرة والصالة، رست في قصر العدالة”.

هل للزوجة حقوق جنسية في الإسلام؟

“بت ليال غضبانة بسبب امتناع زوجي عني.. في البداية كنت أخجل من الاعتراض عليه كلما صد محاولاتي للتودد اليه والتقرب منه،

لكنني صرت حانقة عليه لتجاهله لي متى أراد ولا مبالاته بي ومطالبته لي بالنزول عند رغباته هو متى شاء وكيف شاء.

وكم من ليلة بت مكسورة الخاطر أندب حظي العاثر معه، وأحيانا ما يخطر ببالي:

“هل الملائكة تلعنه هو الآن كما لعنتني أنا سابقا؟” ثم أعود فأستغفر الله على هذه الأفكار والوساوس”

في الحقيقة، لم تقترف السائلة ذنبا في طرحها لهذا السؤال فللزوجة حقوقا على زوجها مثلما ان له حقوقا عليها.

يرى اهل العلم وخاصته، أن امتناع الرجل عن امرأته إذا دعته و هو قادر على تلبية دعوتها والنزول عند رغبتها والتعنت وكسر خاطرها بدلا عن ذلك لا يجوز،

لأنه خلاف ما أمر الله به من العشرة بالمعروف {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].

وقد قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]،

فدل ذلك على أن للزوجة من الحقوق نظير ما عليها، إلا ما دل الدليل على تخصيص أحد الزوجين به.

يدل على ذلك أيضاً ما ختم الله به آية الإيلاء، وهو حلف الرجل على ترك وطء زوجته،

فقد قال تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:226].

وهذا حق مقرر للزوجة، ثابت في السنة النبوية ، ففي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما –

قال : “قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: “يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟

فقلت بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينيك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه” .

وقال صلى الله عليه وسلم ايضا: “ إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً”

“إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع”

كثيرا ما يوظف الأزواج هذا الحديث كلما بدا من الزوجة نفور وتمنع عن المعاشرة الزوجية، بدل البحث في الأسباب.

والحقيقة أنه وفقا لتفسير أهل العلم، الحديث معناه ظاهر، ولكن ليس على إطلاقه كما يتوهم بعض الرجال، فالوعيد مقيَّدٌ لا مطلق كما يحسبون.

فمثلا لا يرضى الإسلام أن يسيء الزوج لزوجته ثم يطلب مجامعتها، حتى إذا ابت رمى بالحديث، في وجهها.

لأن الفظاظة وسوء المعاملة يولدان التنافر والبغضاء، والجماع والاستمتاع انما يكونان مع ميل النفس وداعي الرغبة في التقارب والتماهي والمعاشرة.

من حديث عبد الله بن زمعة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم”، البخاري (5204).

اي لا ينهر الرجل زوجته ويذلها ويهينها ويعاملها كأنها عبد في خدمته، يتسلط عليها ويستخف بها ثم يسعى لإخضاعها لأوامره ورغباته الجنسية.

كما انه لا حرج على الزوجة أن تأبى دعوة زوجها لها إلى الفراش إذا كانت في صوم قضاء،

أو كانت مريضة والجماع يؤلمها، أو يزيد من مرضها، أو كانت في حالة نفسية سيئة لا تحتمل معها مجامعة زوجها.

“هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ”

الاسلام دعا لحسن معاشرة النساء ومعاملتهن بلطف ومودة وتفهمهن واحترام رغباتهن،

ونلمس ذلك في الآية 19 من سورة النساء، “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف.”

العلاقة الزوجية هي علاقة حب وتراحم وتواد بين الطرفين، والإسلام ساوى بين المرأة والرجل في الحياة الزوجية وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً”.

والحقوق لا تكتمل ما لم تشمل كل جزئيات الحياة الأسرية، بما فيها الحياة النفسية والجنسية،

حتى يشعر كلا الطرفين بالتقارب والرغبة في بعضهما والرضا والامتلاء والسعادة والراحة ويكونا سكنا لبعضهما البعض كما يريدهما القران الكريم، وهذا هو هدف الزواج والغاية منه.

“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.

بعض حقوق الزوجة على الزوج

يوجد بعض الحقوق للزوجة على زوجها منها:

  المهر،

وهو حق خالص للمرأة ولا تكلف أن تشتري به أي شيء لتجهيز بيت الزوجية أبداً، قال تعالى:

(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)

الصبر والتجاوز عن هفوات الزوجة وأخطائها،

وذلك بعدم كره المرأة بسبب طباعها أو أخلاقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا؛ فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ من ضِلَعٍ،

وإنَّ أعْوجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلَاهُ؛ فإنْ ذهبْتَ تُقِيمُهُ كسرْتَهُ، وإنْ تركتَهُ لمْ يزلْ أعوَجَ؛ فاسْتوصُوا بالنِّساءِ خيرًا)

كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: ( لا يفرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كرِهَ منْها خُلقًا رضِيَ منْها آخرَ أو قال: غيرَهُ)

تعليمها أمور الدين الإسلامي،

والسماح لها بحضور مجالس العلم لتتعلم أمور دينها، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)

تجنب إيقاع الأذى بها،

عن طريق تجنب الإهانة كالضرب المبرح أو السب وغيرها من الإساءات، حيث سأل رجل رسول الله صلى الله عليم وسلم:

( قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، ما حقُّ زوجةِ أحدِنا؟ قالَ أن تُطْعِمَها إذا طعِمتَ، وتَكْسوَها إذا اكتسيتَ، ولا تضربَ الوجهَ، ولا تقبِّحَ)

الوفاء لها،

يجب على الزوج أن يخلص لزوجته وأن لا ينسى عشرتها حتى إن ماتت أو طلقت منهن حيث قال تعالى: (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)

كما عليه أن لا يذكر فيها عيباً وأن لا يفشي سراً أسرته إليه.

حسن المعاشرة بالمعروف

يجب على الزوج أن يحرص على حسن العشرة مع زوجته، وذلك عن طريق إكرامها ومداعبتها والترفق بها، حيث قال تعالى:

(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)،

بالإضافة للعناية بالتعامل معها برحمة والاهتمام بتطييب خاطرها، وكف السوء والأذى، وكل ذلك من شأنه أن يحقق المودة والرحمة بينهما.

 يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام