حكم الاحتفال بأعياد المشركين
ابتلي المسلمون بمنكر عظيم في بلدانهم، وهو دخول عدد من الكفار إليهم وإقامة أعيادهم، ومشابهة المسلمين لهم، بل وبذل الدعم لهم؛ لذلك كان من الضروري بيان معنى ذلك العيد وحكمه، وخطورة الاحتفال أو الابتهاج به، مع سرد أقوال السلف والفقهاء في تحريمه، والتحذير من مشاركة المسلمين فيه.
المحتوى
الاحتفال بأعياد الكفار:
أجمع أهل العلم على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار ومشاركة المحتفلين فرحتهم لما في ذلك من المحاذير ويدل على ذلك ما يلي:
- {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}، قال أبوالعالية، وطاوس، ومحمد ابن سيرين، والضحاك، والربيع بن أنس، وغيرهم: هي أعياد المشركين. (ابن كثير 6/130)
- لأنه من التشبه الصريح وقد قال صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم . (رواه أبو داود 4031) ، قال عبد الله بن عمرو بن العاص: من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجاناتهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة. (البيهقي 18642 وصححه ابن تيمية في الاقتضاء 1/754)
- لأن المشاركة فيها نوع من مودتهم ومحبتهم وقد قال تعالى: {لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بعض..} الآية، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ..} الآية.
- أنها شعار الأديان والملل وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة لما دخل عليها أبو بكر وعندها جاريتان تغنيان بيوم بعاث أنكر ذلك أبو بكر بقوله: مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا (البخاري 909)
تهنئتهم بأعيادهم:
يحرم تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية لما في ذلك من إعانتهم وإقرارهم على ما هم عليه من الضلال
فكأنك تهنئه على سجوده للصليب وصلاته في الكنيسة، وقد حكي الاتفاق على ذلك وقريب من ذلك رد التهنئة عليهم.
قال ابن القيم رحمه الله: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم
فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ؛ فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب؛
بل ذلك أعظم إثمًا عند الله وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرْج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، وهو لا يدري قبح ما فعل.
فمن هنأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه، وقد كان أهل الورع من أهل العلم
يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء تجنبًا لمقت الله وسقوطهم من عينه
موضوع : حكم مشاركة المشركين من يهود ونصارى و غيرهم في أعيادهم ،
أنقله عن علماء المذهب المالكي نصحا لله و لرسوله و للمسلمين –
خاصة من الذين هم في البلاد التي تتبنى مذهب مالك رحمه الله – ،
و إلزاما لمن يتمسحون به و هم يخالفون أئمته و رواده من الأكابر ،
و بيانا لنصرة أجلة علماء المالكية للسنة و التوحيد ،
و تحفيزا للمتأخرين على السير على ذلك المنوال في نبذ التعصب المذهبي و تحكيم الكتاب و السنة ،
وقد تيسر لي جمع أقوال ستة منهم – رحمهم الله – و إن كنت أجزم أن ثمةَ أكثر منها عددا ووضوحا و حلاوة !
لكن اقتصرت عليها مشاركةً مني في دحض هذا المنكر العظيم الذي استشرى شره في كثير من أوساط المسلمين إلا من رحم الله منهم .
احمدوا الله على نعمة الإسلام و السنة :
– قال عبد الملك بن حبيب المالكي رحمه الله :
( وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له ورآه من تعظيم عيده ، وعونًا له على كفره ،
ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئًا من مصلحة عيدهم ،
لا لحمًا ، ولا أدمًا ، ولا ثوبًا ، ولا يُعَارُون دابة ، ولا يُعَاوَنُون على شيء من عيدهم ،
لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم ، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك ،
وهو قول مالك وغيره لم أعلم أنه اُختلِفَ فيه ، وأكل ذبائح أعيادهم داخل في هذا الذي اجتمع على كراهيته …..)
عن علماء المالكية أنه: ( لا يَحِلُّ للمسلمينَ أن يبيعوا للنصارى شيئاً من مصلحةِ عيدِهمْ،
لا لحْماً ولا إداماً ولا ثوباً… ولا يعانون على شيءٍ من دينهم.
لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عنذلك.
وهو قولُ مالكٍ وغيرهِ، لم أعلمْ أحداً اختلفَ في ذلكَ) المدخل .
– الإمام عبد الرحمن ابن القاسم العتقي صاحب مالك المتوفى عام 192
قال رحمه الله : (من ذبح بطيخة يوم عيدهم فكأنما ذبح خنزيرا )الاقتضاء لشيخ الإسلام ابن تيمية
و قال ابن حبيب : (وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له ورآه من تعظيم عيده ،
وعونًا له على كفره) أحكام أهل الذمة لابن القيم
و قال أيضا : (وقد سئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم ،
فَكَرِهَ ذلك مخافة نزول سخط الرب عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه ،
وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ ) فيوافقهم ويعينهم ( فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) [المائدة:51] . )) من نفس المصدر
وجاء في “التاج والإكليل( : ” وكره ابن القاسم أن يهدي للنصراني في عيده مكافأة له ، ونحوه إعطاء اليهودي ورق النخيل لعيده ) انتهى .
– فقيه الأندلس أبو مروان عبد الملك بن حبيب المتوفى سنة 238
قال ابن الحاج : ( وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْحَذَاقَةِ يَعْنِي الْإِصْرَافَةَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِحْضَارِ
فَقَالَ : إنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْإِحْضَارِ فِي الْأَعْيَادِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا فِعْلُهُ فِي أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ وَمَكْرُوهًا فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى
مِثْلِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ قَبِلَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَعْظِيمِ الشِّرْكِ . ) المدخل لابن الحاج
و قال ابن حبيب :
( وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له ورآه من تعظيم عيده ، وعونًا له على كفره ،
ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئًا من مصلحة عيدهم ،
لا لحمًا ، ولا أدمًا ، ولا ثوبًا ، ولا يُعَارُون دابة ، ولا يُعَاوَنُون على شيء من عيدهم ،
لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم ، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك ،
وهو قول مالك وغيره لم أعلم أنه اُختلِفَ فيه ،
وأكل ذبائح أعيادهم داخل في هذا الذي اجتمع على كراهيته ، بل هو عندي أشد ،
وقد سئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم ،
فَكَرِهَ ذلك مخافة نزول سخط الرب عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه ، وقد قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ )
فيوافقهم ويعينهم ( فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) [المائدة:51] . )) أحكام أهل الذمة لابن القيم
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عبد الملك بن حبيب قوله :
( ألا ترى أنّه لا يحلّ للمسلمين أن يبيعوا من النصّارىشيئا من مصلحة عيدهم ؟
لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يُعارون دابّة ولا يعاونونعلى شيء من عيدهم
لأنّ ذلك من تعظيم شركهم ومن عونهم على كفرهم ..” الاقتضاء .
– أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المشهور بابن الحاج المتوفى سنة 737هـ
قال رحمه الله كما سبق النقل عنه : (لا يَحِلُّ للمسلمينَ أن يبيعوا للنصارى شيئاً منمصلحةِ عيدِهمْ،
لا لحْماً ولا إداماً ولا ثوباً…
ولا يعانون على شيءٍ من دينهم. لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم،
وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عنذلك. وهو قولُ مالكٍ وغيرهِ، لم أعلمْ أحداً اختلفَ في ذلكَ) المدخل
و قال أيضا :
(فَصْلٌ فِي مَوْلِدِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلْنَهُ فِي مُوَافَقَةِ النَّصَارَى
فِي مَوْلِدِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ أَنَّهُ أَخَفُّ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ .
لَكِنَّ اتِّخَاذَ ذَلِكَ عَادَةً بِدْعَةٌ ،
وَهُوَ أَنَّهُنَّ يَعْمَلْنَ صَبِيحَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَصِيدَةً لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهَا لِكَثِيرٍ مِنْهُنَّ وَيَزْعُمْنَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا ،
أَوْ يَأْكُلْ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ الْبَرْدُ فِي سَنَتِهِ تِلْكَ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ فِيهَا دِفْءٌ
وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ وَمَعَ كَوْنِ فِعْلِهَا بِدْعَةً فَالشَّاهِدُ يُكَذِّبُ
مَا افْتَرَيْنَهُ مِنْ قَوْلِهِنَّ الْبَاطِلَ وَالزُّورَ فَكَأَنَّهُنَّ يَشْرَعْنَ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِنَّ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلَالِ )
وقال أيضا :
فَصْلٌ فِي مَوْسِمِ الْغِطَاسِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُونَهُ فِي مَوْسِمِ الْغِطَاسِ .
وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تَزْعُمُ النَّصَارَى أَنَّ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ اغْتَسَلَتْ فِيهِ مِنْ النِّفَاسِ .
فَاِتَّخَذَ النَّصَارَى ذَلِكَ سُنَّةً لَهُمْ فِي كَوْنِهِمْ يَغْتَسِلُونَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَبِيرُهُمْ وَصَغِيرُهُمْ
وَذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ حَتَّى الرَّضِيعُ فَتَشَبَّهَ بِهِمْ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ فِي كَوْنِهِمْ يَتَّخِذُونَ ذَلِكَ مَوْسِمًا .
أَعْنِي أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ فِيهِ النَّفَقَةَ وَيُدْخِلُونَ فِيهِ السُّرُورَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ بِأَشْيَاءَ يَفْعَلُونَهَا فِيهِ .
، وَهَذَا فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ لِمَوَاسِمِ أَهْلِ الْكِتَابِ مَا سَبَقَ فِي غَيْرِهِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ
وَبَعْضُ مَنْ انْغَمَسَ فِي الْجَهْلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَغْطِسُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَمَا يَغْطِسُونَ .
وَمِنْ أَشْنَعِ مَا فِيهِ أَنَّهُمْ يَزِفُّونَ فِيهِ بَعْضَ عِيدَانِ الْقَصَبِ وَعَلَيْهَا الشُّمُوعُ الْمَوْقُودَةُ وَالْفَاكِهَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ .
وَبَعْضُهُمْ يُهْدِي ذَلِكَ لِلْقَابِلَةِ وَيَتَهَادَوْنَ فِيهِ بِأَطْنَانِ الْقَصَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ )
و قال أيضا :
فَصْلٌ فِي عِيدِ الزَّيْتُونَةِ وَمِنْ ذَلِكَ بَعْضُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَحَدِ أَعْيَادِ الْقِبْطِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ عِيدَ الزَّيْتُونَةِ
فَتَخْرُجُ النَّصَارَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْمَطَرِيَّةُ إلَى بِئْرٍ هُنَاكَ تُسَمَّى بِئْرَ الْبَلْسَمِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ .
فَيَجْتَمِعُ إلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي الْغَالِبِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْقِبْطِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ بِلَادٍ كَثِيرَةٍ يَأْتُونَ إلَيْهَا لِلْغُسْلِ مِنْ مَائِهَا .
ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيُهْرَعُونَ إلَيْهِ كَمَا تَفْعَلُ النَّصَارَى وَيَغْتَسِلُونَ كَغُسْلِهِمْ وَيَنْكَشِفُونَ لِذَلِكَ فِي الْغَالِبِ .
وَهَذَا فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَاتِ وَتَعْظِيمِ مَوَاسِمِ أَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَيَزِيدُ هَذَا أَنَّهُمْ يُسَافِرُونَ إلَيْهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ نِسَاءً وَرِجَالًا وَشُبَّانًا وَيَجْتَمِعُونَ هُنَاكَ وَيَنْهَتِكُونَ فِيهِ كَغَيْرِهِ .
وَفِي اجْتِمَاعِهِمْ مِنْ الْمَفَاسِدِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ .
لَكِنْ فِي هَذَا زِيَادَةُ مَفْسَدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ نَظَرُ الذِّمِّيَّةِ إلَى جَسَدِ الْمُسْلِمَةِ ، وَهُوَ حَرَامٌ وَقَدْ مَنَعَهُ الْعُلَمَاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .
هَذَا وَإِنْ كَانَ الْغُسْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ مُبَاحًا فِعْلُهُ لَكِنْ فِي غَيْرِ وَقْتِ اجْتِمَاعِهِمْ وَفِي التَّلْوِيحِ مَا يُغْنِي عَنْ التَّصْرِيحِ . )
و قال أيضا : (وَمِنْ كِتَابِ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ سُئِلَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ تَعْلِيمِ أَوْلَادِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْكِتَابَةَ
بِغَيْرِ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ فَقَالَ : لَا وَاَللَّهِ مَا أُحِبُّ ذَلِكَ يَصِيرُونَ إلَى أَنْ يَقْرَءُوا الْقُرْآنَ .
قَالَ : وَسَأَلْته عَنْ تَعْلِيمِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ كِتَابَ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ كِتَابَ الْأَعْجَمِيَّةِ فَقَالَ : لَا وَاَللَّهِ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ وَكَرِهَهُ
قَالَ : وَلَا يَتَعَلَّمُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ وَلَا النَّصْرَانِيُّ عِنْدَ الْمُسْلِمِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : أَمَّا تَعْلِيمُ الْمُسْلِمِ أَبْنَاءَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ تَعْلِيمُهُمْ عِنْدَهُمْ فَالْكَرَاهَةُ فِي ذَلِكَ بَيِّنَةٌ .
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ حَبِيبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : إنَّ ذَلِكَ سَخْطَةٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ مُسْقِطَةٌ لِإِمَامَتِهِ وَشَهَادَتِهِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْحَذَاقَةِ يَعْنِي الْإِصْرَافَةَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِحْضَارِ
فَقَالَ : إنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْإِحْضَارِ فِي الْأَعْيَادِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا فِعْلُهُ فِي أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ وَمَكْرُوهًا فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى
مِثْلِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ قَبِلَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَعْظِيمِ الشِّرْكِ . )
-محمد بن أحمد عليش (المتوفى سنة1299هـ) صاحب كتاب “منح الجليل شرح مختصر خليل”
قال في كتابه “منح الجليل شرح مختصر خليل” :
( ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُقْضَى بِالْإِخْطَارِ فِي الْأَعْيَادِ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ مُسْتَحَبًّا فِي أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ ،
وَيُكْرَهُ فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى كَالنَّيْرُوزِ ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ قَبِلَهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَعْظِيمِ الشِّرْكِ ،
قُلْت فَلَا يَحِلُّ قَبُولُ هَدَايَا النَّصَارَى فِي أَعْيَادِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ ،
وَكَذَا الْيَهُودُ وَكَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ ذَلِكَ فِي عِيدِ الْفَطِيرَةِ عِنْدَهُمْ وَغَيْرَهُ .)
– أبو عبد الله محمد بن يوسف المشهور بـ( المواق)
قال في النقل المتقدم عنه في كتابه “التاج والإكليل” مقرا مستشهدا :
(وكره ابن القاسم أن يهدي للنصراني في عيده مكافأة له ، ونحوه إعطاءاليهودي ورق النخيل لعيده ) انتهى
– العلامة أبو سعيد عبد السلام المشهور بـ(سحنون) المتوفى سنة 240هـ
جاء في المعيار المعرب للونشريسي الجزء 11 الصفحة 154 عنه أنه يقول :
(لا تجوز الهدايا في الميلاد من نصراني ولا من مسلم ، ولا إجابة الدعوة فيه ، ولا استعداد له ….. )
وقد نقل عنه هذا القول غير واحد من العلماء ، ومنهم من يحكيه من غير عزو كما سيأتي .
– أبو الأصبغ عيسى بن محمد التميلي الفقيه المالكي
( و سئل أبو الأصبغ عيسى بن محمد التميلي ، عن ليلة يناير التي يسميها الناس الميلاد ، و يجتهدون فيها ، و يجعلونها كأحد الأعياد ،
و يتهادون بينهم صنوف الأطعمة ، و أنواع التحف و الطرف ، المثوبة لوجه الصلة ،
ويترك الرجال و النساء أعمالهم صبيحتها تعظيما لليوم ، و يعدونه رأس السنة .
أترى ذلك أكرمك الله – بدعة محرمة لا يحل لمسلم أن يفعل ذلك ،
و لا أن يجيب أحدا من أقاربه و أصهاره إلى شيء من ذلك الطعام الذي أعده لها ، أم هو مكروه ليس بالحرام الصراح ؟
فأجاب قرأت كتابك هذا ، ووقفت على ما عنه سألت ، و كل ما ذكرته في كتابك ، فمحرم فعله عند أهل العلم ،
و قد رويت الأحاديث التي ذكرتها من التشديد في ذلك ، و رويت أيضا أن يحيى بن يحي الليثي (234هـ)
قال : (لا تجوز الهدايا في الميلاد من نصراني ولا من مسلم ، ولا إجابة الدعوة فيه ،
ولا استعداد له . وينبغي أن يجعل كسائر الأيام .
ورفع فيه حديثا إلى النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال يوما لأصحابه :
( إنكم مستنزلون بين ظهراني عجم فمن تشبه بهم في نيروزهم و مهرجانهم ، حشر معهم ) .
قال يحيى : سألت عن ذلك ابن كنانة ، و أخبرته حالنا في بلدنا فأنكر ، وعابه ،
و قال 🙁 الذي يثبت عندنا في ذلك الكراهة ، و كذلك سمعت مالكا يقول ، لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( من تشبه بقوم حشر معهم ) .
– القاضي أبو عبد الله بن الأزرق الغرناطي المتوفى سنة 895هـ
و سئل القاضي أبو عبد الله بن الأزرق عن اليهود يصنعون رغائف في عيد لهم يسمونه عيد الفطر ،
و يهدونها لبعض جيرانهم من المسلمين ، فهل يجوز قبولها منهم و أكلها أم لا ؟
فأجاب : قبول هدية الكافر منهي عنه على الإطلاق نهي كراهة ،قال ابن رشد :
لأن المقصود في الهدايا التودد ….إلى أن قال : وهل ينتهي النهي إلى التحريم إذا كانت مما يفعلونه في أعيادهم ؟
– أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي المتوفى سنة 803هـ
و قال الشيخ الإمام أبو عبد الله بن عرفة تفريعا على كلام الشيخ أبي الحسن القابسي ،
في منع قبول هدية المسلم مما يفعل في أعياد الأعاجم تشبيها بهم ،
فلا يحل على هذا قبول هدايا النصارى في أعيادهم للمسلمين ، و كذلك اليهود .
قال : ( و كثير من جهلة المسلمين يقبل ذلك منهم في عيد الفطيرة )
– القاضي أبو الوليد محمد ابن رشد المعروف بـ(ابن رشد الجد ) المتوفى سنة 520هـ
منع رحمه الله اللعب و الملاعب المصنوعة في أعياد المشركين و التجارة فيها ، حيث قال :
( لا يحل عمل شيء من هذه الصور ، ولا يجوز بيعها و لا و لا التجارة بها و الواجب أن يمنعوا من ذلك و بالله التوفيق ) .
أحوال وأحكام مشاركة المسلم في احتفالات المسلمين والكفار
1. لا يحل لمسلم المشاركة في الاحتفالات الدينية للكفار ، ولا يحل تهنئتهم بها مطلقاً ، وهذا أشد حالات الاحتفالات إثماً ؛ إذ قد يؤدي بفاعله إلى الكفر .
2. اختلف العلماء في حكم حضور احتفالات الكفار في مناسباتهم الشخصية ، كزواج ، أو شفاء من مرض ، أو رجوع من سفر ، وأرجح الأقوال القول بالجواز بشرط وجود مصلحة شرعية ، كتأليف قلوبهم للإسلام ، أو دعوتهم إلى الدين .
3. في المناسبات والاحتفالات الخاصة بالكفار لا يحل للمسلم التشبه بالكفار في لباس ، أو تناول طعام معيَّن ، أو هيئة خاصة ، ومنه : إيقاد الشموع والطواف بها .
4. لا يجوز للمسلم حضور احتفال لكفار ولا لمسلمين ، فيه ترويج لدينٍ أو مذهبٍ باطل ، أو ثناء على فكر أو عقيدة منحرفة .
يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام
More Stories
حكم نقل أعضاء من متوفي إلى مريض
هل يجوز إخراج القيمة نقدا في زكاة الفطر؟
حكم ابتلاع البلغم للصائم