26 يوليو 2024

لماذا حرم الله الخمر ؟

تحريم الخمر في الإسلام والتي هي أم الخبائث كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم ولماذا حرمها الله تعالى مع بيان آثارها السلبية علي الفرد والمجتمع

لماذا حرم الله الخمر ؟

حرم الله تعالى الخمر علي عدة مراحل وتدريجيا حتي حرمها بالكلية وقطعيا في قوله جل في علاه :

” يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ‏” {المائدة: 90 }

وذلك لأن العرب في الجزيرة كانوا مولعين بشربها وكان من الصعب علي شاربها أو مدمنها تركها مرة واحدة،

لذلك كان لابد من العمل علي تهيئة النفوس لقبول هذا الأمر شيئا فشيئا،

وذلك لأن شرب الخمر يتنافى مع الإدراك والوعي الذي يجب أن يكون عليهما العبد أثناء أداء العبادة والطاعة،

وكذلك لما لها من آثار ضارة وخطيرة علي الفرد والمجتمع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها ” الخمر أم الخبائث”،

وقال عليه السلام ايضا:” ” الخمر أم الفواحش ، و أكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته “.

الخمر رجس من عمل الشيطان وأحد أدواته التي يستخدمها في صرف الناس وإبعادهم عن عبادة الله،

يقول الله سبحانه وتعالى:” إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون   (المائدة :91).

الحِكمة من تحريم الخمر

إنّ من أعظم نِعم الله -تعالى- على الإنسان العقل؛ ليستدلّ به إلى طريق الهدى، ويجُبّ عنه طرق الشّهوات والمُلهيات،

ولمّا أدرك وسواس الهوى العقل الذي هو هبة الخالق لعباده في استقامتهم وهدايتهم، فكان شُرب الخَمْر هو السّبيل لإضلال العباد،

وصدّهم عن ذكر خالقهم، فسلب منهم أثمن الأوقات، ونشر العداوة والبغضاء بين القلوب، وصدّهم عن الغاية الأسمى التي خُلقوا من أجلها وهي إعمار الأرض،

والانشغال بذكر الله تعالى، والتقرّب إليه بالصّلاة والصّيام والقيام، فجاء الإسلام ليحفظ العباد ويصون عقولهم،

فحُرّم الخَمْر تدريجيّاً؛ رِفقاً بالنّاس، حيث قال الله تعالى

(إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).

مراحل تحريم الخَمْر

الإسلام هو دين التّوحيد، الذي بُعث به محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- للعالمين؛ ليُنير به عقول البشريّة، وينزعهم من حبّ الشّهوات والملذّات إلى حبّ الله تعالى،

وليميّزهم بالعقل عن البهائم وسائر المخلوقات، فجاء الإسلام ليُحرّم ويجبّ عن النّاس كلّ ما لا ينفعهم ويضرّ بهم،

فكان شُرب الخَمْرِ من الخبائث التي تعلّقت بها أرواح الصّحابة -رضي الله عنهم- قبل الإسلام وفي بداية الدّعوة،

وشاء الله -تعالى- أن ينزعَ حبّ الخَمْر من النّفوس رويداً رويداً؛ ليُغرس حبّ الله -تعالى- -حبّ الإسلام في القلوب عِوضاً عن حبّ الخَمْر،

فحرّمها الله -تعالى- على عباده على مراحل تتقبّلها عقولهم، وتنصاع لها قلوبهم، وبيان تلك المراحل فيما يأتي:

المرحلة الأولى:

جاء في المرحلة الأولى لتحريم الخَمْر بيانُ الله -عزّ وجلّ- في مُحكم آياته بأنّ شُرب الخَمْر إثم كبير،

ولم يُصرّح الله -تعالى- بالتحريم المباشر لشُرب الخَمْر الذي اعتاده النّاس، وكان صعباً فراقهم لها والانتهاء عن شربها؛ لكونها الملاذ والفخر لشاربها،

فقال الله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).

المرحلة الثّانية:

بدأ الإسلام مرحلةً جديدةً باستبدال ما في قلوب النّاس من حبّ الخَمْرِ بحبّ الله -تعالى- وخشيته والتقرّب إليه في الصّلاة،

فجاء النّهيُ للنّاس بعدم قُرب الصّلاة في حالة السُّكْر، حيث قال الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ

أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا)،

فانتزع الله -تعالى- من نفوس الكثير من النّاس حبّ الخَمْر، فالتقرّب من خالقِهم أعظم وأسمى في نفوسهم من حُبّ ملذّاتهم و شهواتهم،

حتى قال عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- مناجياً ربّه :(اللهمّ بيّن لنا في الخَمْر بياناً شافياً).

المرحلة الثّالثة:

جاء تحريم الَمْر في المرحلة الأخيرة، فأمر الله -تعالى-عباده بالتجلّي عمّا يُسفّه عقولهم، ويدفعهم لدنِيّة ذواتهم، وبغض بعضهم البعض،

ويصدّهم عن عبادتهم، فما بُعث الإسلام إلّا لرفعتهم، حيث قال الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*

إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)،

فانصاعت النّفوس والقلوب لخالقها بالامتثال والتسّليم لأمره.

عقوبة شارب الخمر

أقر الإسلام عقوبة شارب الخمر وهى الجلد أربعين جلدة ولولي الأمر أن يزيدها ثمانين جلدة تعزيرا،

لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة الوليد بن عقبة: (جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي)،

ولحديث أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين).

 ومن شرب الخمر في الدنيا ولم يتوب إلى الله لن يشربها في الآخرة

وإن أدخل الجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها، حرمها في الآخرة». متفق عليه.

وكذلك لا تقبل صلاته أربعين يوما، فعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شرب الخمر وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا وإن مات دخل النار ،

فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ،

فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ،

فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه ، وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة .

قالوا : يا رسول الله ، وما ردغة الخبال ؟ قال : عصارة أهل النار . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .    

يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام