4 ديسمبر 2024

ماهو علاج سوء الظن بالله ؟

سوء الظن

مكانة ومنزلة الأخلاق في الإسلام

تعتبر الأخلاق من الأمور العظيمة، وذات المكانة الرفيعة في الدين الإسلامي؛ فقد جاءت رسالة الإسلام بتقويم الأخلاق،

والعمل على إصلاح ما أفسدته الجاهلية منها، وممّا يدلّ على مكانة الأخلاق تفاوت المؤمنين في إيمانهم ،

ولكنّ الأفضلية لمن تحلّى بحسن الخُلُق، وحسن الخُلُق من الأعمال التي تزيد في حسنات العبد، وتثقل من موازينه يوم القيامة،

فالعبد الذي يتحلّى بُحسن الخلق يظفر بحبّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والجلوس بقربه يوم القيامة،

وممّا يدلّ على منزلة الأخلاق وعظمتها أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يدعو الله -تعالى- أن يُحَسِن خُلُقه،

وقد مدح الله -تعالى- رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- ووصفه بحُسن خُلقه، فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،

وممّا يدلّ على أهميتها أيضاً كثرة الآيات القرآنية التي تتناول موضوع الأخلاق وتحثّ عليه.


معنى سوء الظن

 مصطلح سوء الظن كغيره من المصطلحات لها معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح، وفيما يأتي بيان ذلك: السوء في اللغة من ساءَهُ،

يَسُوءُه سَوْءاً وسُوءاً وسَواءً وسَواءة وسَوايةً وسَوائِيَةً؛ أي فعل ما يُكره، يُقال: ساء ما فعل فلان؛ أي: قبح صنيعه صنيعاً.

 الظّن في اللغة:

إدراك الذهن للشيء مع ترجيحه، وظنّ الأمر: علمه بغير يقين.

 سوء الظّن: امتلاء قلب العبد بالظنون السيئة تجاه الناس، حتى يطفح على لسانه وجوارحه معه أبداً في الهمز واللمز،

والطعن والعيب، والبغض، بحيث يبغضهم ويبغضونه، ويلعنهم ويلعنونه، ويحذرهم ويحذرون منه.


أنواع سوء الظن وحكمه

سوء الظّن من الأمور الهامّة التي يغفل عنها كثير من المسلمين، والتي تحتاج إلى بيان ومعرفة لما يترتب عليها من أحكام،

وفيما يأتي بيان لأنواع سوء الظن، وحكم كلاً منهما في الشريعة الإسلامية:

 سوء الظّن بالله؛

ويُقصد به أن يظّن العبد بالله -تعالى- بأنّه لا ينصر دينه، ولا يعلي كلمته، وأنّ الله ليس بحسب العبد في جميع أموره،

وأنّه لا يعطف على عباده، ولا يرحمهم، ولا يعافيهم، وأنّه لا يغفر الذنوب، وحكمه كما جاء في الآية الكريمة؛

حيث قال الله -تعالى- في القرآن الكريم:

(وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)،

فقد توعّد الله -تعالى- الظانين بالله ظن السوء؛ بأن يعتقدونه بغير صفاته، بالغضب عليهم، واللعنة، ودخول جهنم يوم القيامة،

وقد بيّن الله -تعالى- أيضاً في آية أخرى من آيات كتابه أنّ سوء الظّن منافٍ للتوحيد،

قال الله تعالى: (يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)،

وعلى هذا فسوء الظّن بالله من كبائر الذنوب التي تُهلك صاحبها، وتجعله من أصحاب النار، وعلى المسلم أن يحسن الظّن بالله تعالى، ويتوب إليه، ويستغفره.

 سوء الظّن بالمسلمين

ويُقصد به أن يظّن العبد بأهل الخير، وبمن لا يعلم فسقه شرّاً، أي مجرّد تهمة اتهام الغير من أهل الخير بالسوء، وهذا النوع نهى عنه الله تعالى،

فقال في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)،

فالآية الكريمة تنهى المسلم عن اجتناب الطريق التي لا تؤدي إلى العلم، وهو الظّن، وطلب تحقيق الظن فيصبح علماً،

أي أنّ التجسس وتتبع عورات الآخرين، وذكر الأخرين بسوء وهو الاغتياب لهم، وجاء نهي الاسلام عن إساءة الظّن بالآخرين من غير سبب أو ضرورة،

لما فيه من الاتهام الكاذب للآخرين، والذي نهى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عنه.


أسباب سوء الظن

 إنّ لسوء الظّن أسباب عديدة، منها:

 أمراض القلوب؛ من غيرة، وحسد، وغلّ، وبغضاء، وأنانية، فالعبد إن ابتلي بهذه الأمراض فإنّه يصل به الحال إلى إساءة الظّن بالآخرين، ممّا يؤدي إلى نزول منزلته بين الناس، وبين أصدقائه.

 الوقوع في الشبهات، وأماكن الريبة عن غير قصدٍ، وعدم تبرير الوقوع فيها، ممّا يفتح المجال للآخرين في الوقوع بسوء الظّن.

 عدم مراعاة الآداب الإسلامية في النجوى؛ ويكون ذلك بأن تكون النجوى بالإثم، والعدوان، وغيبة الآخرين، ومعصية الرسول.

 الغفلة عن الآثار التي تترتب على إساءة الظّن. اتباع الهوى، وما تشتهي النفس.

سوء الفعل، والاتصاف بالخصال السيئة من كذبٍ وخيانةٍ، فمتى تمكّنت هذه الصفات من العبد جعلته ينظر إلى الآخرين بمنظارها.


طرق علاج سوء الظن

 تتنوع طرق علاج سوء الظّن، ومنها:

 تنشئة الفرد على حسن الظّن، بدءاً من الأسرة، ثمّ المدرسة، والإعلام، والمسجد، والأصدقاء، وذلك من خلال نماذج القدوة الحسنة في السلوك، و

الموعظة الحسنة، والترغيب والترهيب في التربية، والحوار الهادف مع الفرد، وغيرها من الطرق السليمة التي لها دور هام في تنشئة الفرد.

 سلامة الصدر من البغض، والكراهية، والغلّ، والحسد، ويكون ذلك بالإقبال على قراءة القرآن الكريم، وتدبّره، والدعاء بسلامة القلب من الأحقاد والضغائن،

وإفشاء السلام بين الناس، والابتعاد عن الوقوع في الذنوب والمعاصي، ونظر النفس إلى من هو أدنى منها، وعدم النظر إلى من هو أعلى منها في الصحة والعافية.

 البعد عن مواطن الريبة والشبهات. توطين النفس وتهيئتها وتكييفها على حُسن الظّن. تنمية الأخوّة الصادقة بين الناس.

التثبت والتبيّن من الأمور، وعدم الاستعجال في الحكم عليها.

 اختيار الأصدقاء الصالحين، الذين يعينون النفس على طاعة الله واجتناب سوء الظن. المحافظة على أداء الصلوات الخمس في جماعةٍ.

علاج سوء الظن بالله

الاعتقاد الجازم بأنّ الخير كلّه بيد الله: الإيمان بأنّ الله عز وجل مسبّب الأسباب ومقدّر الأقدار وبيده ملكوت كلّ شيء،

فهو الذي يصرفُ السوء، ويرزق ويحفظُ من يشاء، ولا يجري شيءٌ في الكون إلّا بمعرفته ودرايته،

وبذلك يزداد يقينُ العبد بأنّ كلّ ما يأتي من الله عز وجل هو الخير، وبيده كل الأمور.

ثقة العبد أنّ الله عند حسن ظنّه به: وقد ورد هذا القول في الحديث القدسي،

وهذه الثقة تدفع بالمؤمن إلى تجنّب سوء الظن بالله وإحسان الظنّ به سبحانه.

استحضار معيّة الله عز وجل: وذلك عن طريق تذكّر أنّ الله عز وجل مع عبده ينصره ويؤيّده، واليقين التام بذلك يجعل العبد يبتعد عن سوء الظن ويستحضر حسن الظن بالله.

معرفة العبد بأنّ حسن الظن بالله سببٌ لاستجابة الدُعاء:

فالمؤمن عندما يدعو الله عز وجل ينبغي أن يعلم حقّ اليقين بأنّ الله عز وجل سيستجيب ُ لدعائه، ويكون على ثقة تامّة بذلك.

يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام