26 يوليو 2024

ما معنى كف الأذى؟

كف الأذى عن الآخرين

أذية المسلمين من المعاصي والإثم العظيم الذي يقترفه فاعله، وإن الله تعالى قد أمر باحترام المسلم كعضو قوي في أمة هي خير أمة أخرجت للناس،

وبين إثم أذية المسلمين فقال جل جلاله: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب:58


إيذاء المؤمنين وغيرهم من الناس بغير حق له صور منصوص عليها في القرآن الكريم والسنة المطهرة.

ولقد أعلنها نبينا عليه الصلاة والسلام في يوم الوداع العظيم،

وهو يلقي آخر نظراته على هذه الأمة ويودعها الوداع الأخير، وهو يقول: «أيها الناس: اسمعوا مني أبين لكم،

فإني لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا»، ثم ساق خطبته حتى قال:

«إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم،

ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا فليبلغ الشاهد الغائب» (صحيح البخاري [5/619] رقم [2448]، ومسلم رقم 19]).

 فقد بين عليه الصلاة والسلام في هذا الإعلان الأخير بعض صور أذية المسلمين وأن من أشدها أذية:

قتل النفس التي حرم الله قتلها،

وقد بين القرآن جريمة ذلك، فقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة من الآية:32]،

وقال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]،

وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا} [النساء من الآية:29-30].

 وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً»

(صحيح البخاري [6/2517] برقم [6469


وإن من المنذرات بالهلكة في هذا الزمان: تعدي الناس على سفك دماء المسلمين، واستحلال دمائهم؛ لغرض من أغراض الدنيا الفانية،

فكم رأينا من دماء تسفك من أجل ذلك، وهذا والله لهو منذر بقرب الساعة.

وكما كانت حرمة دم المسلم عظيمة، فإن لعنه وتفسيقه لا تقل حرمة عنه،

ففي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبوابها دونها ثم تهبط إلى الأرض فتنغلق أبوابها دونها،

ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها» (رواه أبو داوود [2/694] برقم [4905]،

قال الألباني: حسن لغيره، انظر صحيح الترغيب والترهيب رقم [2792]).

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سِباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» (متفق عليه).

 وفي صحيح البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال:

«لا يرمي رجل رجلاً بالفسق والكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» (صحيح البخاري [5/2247


كف الأذى

يعرف كفّ الأذى بالابتعاد عن كافّة الأعمال التي تلحق الضرر والإساءة بالغير،

سواءً كان الضرر مادّياً كالضرب، أو التكسير، أو الهدم، أو معنويّاً كالكلام الجارح، أو المهين،

أو الكلام المؤثّر في النفس، كما يطلق على كفّ الأذى مصطلح السلام الاجتماعيّ

للدلالة على الحب والتواصل بين الناس، وكذلك تجنّب الكره بينهم.


فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِي اللَّهم عَنْه (قالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّ الإسلامِ أفضلُ؟ قال : مَن سلِم المسلمونَ من لسانِه ويدِه) [صحيح البخاري]،

ذلك لأنّ الأذى يزرع البغضاء والكراهية والحقد بين الناس في المجتمع، وهذا ما يجنيه في الحياة الدنيوية،

بالإضافة إلى الآثام والخطايا التي يحملها الشخص في الحياة الآخرة، لذلك يجب على المسلم التحلي باللسان الطيّب الحسن، وكسب الدنيا والآخرة في آنٍ واحد.



كفّ الأذى باليد واللسان

 كفّ الأذى عن اللسان من خلال الابتعاد عن الثرثرة والكلام الجارح، والذي يسبّب الألم للآخرين،

وأخذ الحيطة والحذر من الغيبة والنميمة على الآخرين،

وتجنّب نقل الحديث والكلام بين الأشخاص، والذي بدوره يعمل على خلق الفتن بينهم،

وقد أدّى الأذى باللسان إلى التفرقة بين الأزواج والأهل والأقارب،

ويجب على الشخص المسلم أن لا يتدخل في ما لا يعنيه، لأنّ هذه الأمور تؤذي الناس والمجتمع كله،

بالإضافة إلى العداوات التي ينشرها بين الناس، وكسبه للآثام والخطايا.

تجنّب التهجّم على ممتلكات الآخرين والاعتداء عليها، أو تخريبها، بغضّ النظر عن حجمها، سواءً كانت كبيرة أو صغيرة،

فهي تعود بالضرر على أصحابها، كما أنّه لا يحقّ لأيّ شخصٍ بالاعتداء على الآخرين سواءً بالضرب،

حتى لو كان لديه حق فيها، والابتعاد عن الإيذاء الجسدي، وأخذ حقوقه عن طريق القانون.

 عدم تتّبع عورات الناس تتّبع عورات الناس يعد من أبشع صور الأذى وأكثرها خطورة،

بل يجب على الإنسان التستّر على عيب أخيه مهما كان،

وأن يقدم النصيحة له، بدلاً من تتّبعها، وأن يساعده للابتعاد عن الأخطاء والعادات السيّئة.

يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام