3 أكتوبر 2024

ما هو اجر قيام الليل ؟ و كيف كان الرسول يقوم الليل ؟

صلاة قيام الليل هي أحد الصلوات التي حث عليها الرسول صلى الله عليه و سلم وحرص على أدائها

و ذلك لما لها من أجر و ثواب عظيمين و هي تعتبر سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتزم بها الصحابة والسلف الصالح

ومن جاء بعدهم تحقيقاً لسنّة نبيّهم عليه الصلاة و السلام ، ورغبةً منهم في نيل رضوان الله تعالى ودخول جنته .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، قَالَ : ” يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ ،

فَيَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الْمَلِكُ ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ ” .

قيام الليل في القرآن والسنة :

في القرآن :

قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}  [سورة السجدة:16].


قال مجاهد والحسن في تفسيرهما : يعني قيام الليل .


وقال ابن كثير في تفسيره : ( يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة ).


وقال عبد الحق الأشبيلي : ( أي تنبو جنوبهم عن الفرش ، فلا تستقر عليها ، ولا تثبت فيها لخوف الوعيد ، ورجاء الموعود ) .


وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال عنهم : {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات :18،17]

قال الحسن : ” كابدوا الليل ، و مدّوا الصلاة إلى السحر ، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة و الاستغفار “.


وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [سورة الزمر:9] .


أي : هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه ، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده ؟!

في السنة النبوية الشريفة  :

حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم،

وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].


وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: { نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل } [متفق عليه]. 

قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.


وقال النبي : { في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها } فقيل: لمن يا رسول الله؟

قال: { لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام } [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني].


وقال :

 { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت ،


وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ،


واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني].

وقال : 

{ من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ،ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين } [رواه أبو داود وصححه الألباني].


والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر .


وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال : { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].

وقال : 

{ أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم] .

كيف كان الرسول يقوم الليل

عن عائشة رضي الله عنها قالت: (مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا

فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا

قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي).

أي أنَّه من السنَّة أن تصلى التراويح إحدى عشرَة ركعة، يصليها المسلم ركعتين ركعتين ومن ثُم يوتر بركعة واحدة

صلاة الرسول عليه السلام في الليل

كان محمد صلى الله عليه وسلم يصلي في الليل عشر ركعات،

ويزيد عليها الشفع والوتر، فيصير مجموع ما يصليه في الليل ثلاث عشرة ركعة، لكنه لم يشدد على الصلاة مثله وأجاز تخفيفها على من أراد،

وليس من المستحب إرهاق النفس حد النعاس وأنت تصلي فكما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذات يوم رأى حبلاً في المسجد

فقال: (ما هذا) فقالوا هذا حبل لزينب تطرد عن نفسها النعاس،

فقال (حلُّوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد).

الأمر بصلاة الليل :

أمر الله تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [سورة المزمل: 1-4]


وقال تبارك و تعالى: { وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }
[سورة الإسراء : 79]

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله ،

و قد غُفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ } [متفق عليه]

كيف يتم صلاة قيام الليل ؟

تصلّى صلاة قيام الليل بنفس الطريقة التي تصلى بها صلاة الفجر ، حيث يصلي المصلي ركعتين ،


ثم يقرأ التشهد و الصلاة الإبراهيميّة ، و يسلم عن اليمين و الشمال ،


ثم يكمل باقي ركعات صلاة قيام الليل مثنى مثنى، مع التسليم بين كل ركعتين منها.

أجر قيام الليل

يعدّ قيام الليل من الصّلوات المسّنونة التي شرعها الرّسول محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين،

وفيها يقوم الإنسان المسّلم بالصّلاة في أي وقت من أوقات الليل؛

إمّا أوّله أو أوسطه أو آخره وذلك كما فعل الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وتكون صلاة قيام الليل ركعتين ركعتين،

فينوي المسّلم في الصّلاة حتى إذا أتمّ ركعتين سلّم، ثمّ نوى ركعتين جديدتين وهكذا إلى أن يتمّ صلاته فيختم صلاته بركعة الوتر،

فقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنه: (كان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يصلي من الليلِ مثنى مثنى، ويوترُ بركعةٍ)،

وورد في سنّة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يصلّي أحد عشرة ركعة في قيام الليل مع الوتر، وللمسّلم أن يقوم بركعتين فقط،

والأفضل له أن يقتدي بسيرة الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم،

وقد ورد الكثير من النصوص التي دلّت على أجر قيام الليل وثوابه، منها:

وعد الله -تعالى- الذين يقومون الليل بالأجر العظيم الذي لا يعلمه إلّا الله، حيث قال:

(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

جعل الله -تعالى- قيام الليل علامة للمتّقين ودليلاً على صلاح الإنسان وتقواه،

قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ).

أخبر الله -عزّ وجلّ- أنّ الذين يقومون الليل لا يستوون مع غيرهم من الذين آثروا النوم ولم يعلموا فضل وأجر وثواب قيام الليل، وفي ذلك دلالة على رِفعة درجتهم،

قال الله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).

أخبر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ صلاة الليل أفضل الصّلاة بعد الفرائض،

حيث قال: (أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفريضةِ، قيامُ اللَّيلِ).

قال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بإنّ قيام الليل سبباً لدخول الجنّة، حيث جاء في السّنة النبويّة:

(يا أيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وصلُّوا الأرحامَ، وصلُّوا بِالليلِ والناسُ نِيامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بِسَلامٍ).

دعا الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- لمن قام الليل وأيقظ أهله معه بالرّحمة،

حيث قال: (رحمَ اللهُ رجلاً قامَ من الليلِ فصلَّى وأيْقظَ امرأتَه فصلتْ فإن أبَتْ نضحَ في وجهِها الماءَ, رحم اللهُ امرأةً قامتْ من الليلِ فصلَّت وأيقظتْ زوجَها فصلَّى، فإن أبَى نضحتْ في وجهِه الماءَ).

يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام