ما هو إسبال الثوب وما حكمه فالاسلام ؟؟
المحتوى
إسبال الثوب
نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن التكبُّر والخيلاء في القول والفعل، حيث قال تعالى في سورة لُقمان
على لسانه: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، ونتيجةً لذلك فقد
نُهِي عن كلّ ما يُقصَد منه التكبُّر والخيلاء، وجاء في الحديث القدسيّ الذي يرويه المُصطفى -صلّى الله عليه وسلّم-
عن ربّه: (الكبرياءُ رِدائي، والعظمةُ إِزاري، فمن نازعَني واحدًا منهما، قذفْتُه في النار).ِ
تعريف إسبال الثوب
الإسبال لغةً: هو مصدر أَسْبَلَ، يُسبل، إسبالاً، فهو مُسبِلٌ، ويأتي الإسبال بمعنى الإرخاء والتّرك، ويُقال: أَسْبَلَتِ
الطريقُ: أي كثرت سابِلَتُها؛ أي فروعها، وأَسْبَلَ الزَّرْعُ يُسبل: أَخْرَجَ سَنَابِلَهُ وأظهر ثمره، وأَسْبَلَ السَّتَائِرَ أي
أَسْدَلَهَا إذا أُرخِيت، وأَسْبَلَ أَجْفَانَهُ بمعنى أَرْخَاهَا، وأَسْبَلَ الدَّمْعُ: أي سَال وجرى على الخدّ، وأَسْبَلَ الدَّمْعَ: أَسَالَهُ،
وأسبل الثَّوبَ: بمعنى أرسله وأرخاه.
حُكم إسبال الثوب
اتّفق الفقهاء على حُرمة إسبال الثياب بقصد الكِبر والخيلاء، وذلك لثبوت النّهي عنها من حديث النبيّ صلّى الله
عليه وسلّم، حيث رُوي عنه أنّه قال: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لم ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامةِ، فقال أبو بكرٍ: إنَّ أحدَ شِقَّيْ
ثوبي يَسْتَرْخِي، إلا أن أتعاهدَ ذلكَ منه؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنكَ لَنْ تَصْنَعَ ذلِكَ خُيَلاء، قال مُوسى
: فقُلْتُ لِسَالمٍ: أذَكَرَ عبدُ اللهِ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ؟ قال: لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إِلَّا ثَوْبَهُ)، أمّا إذا كان القصد من إسبال الثّوب غير
التكبُّر والخيلاء، فقد اختلف الفُقهاء في ذلك على عدّة أقوالٍ بيانها ما يأتي:
المواطن التي يجوز فيها إسبال الثوب
أجاز جمهور أهل العلم، والفُقهاء، بالإضافة إلى أصحاب المذاهب الأربعة وهم: الحنفية، والمالكية، والشافعية،
والحنابلة في الرّاجح عندهم إسبال الثوب، حيث نُقِل في الآداب الشرعيّة لابن مفلح الحنبليّ أنّ أَبَا حَنِيفَةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ-
كان قد ارْتَدَى بِرِدَاءٍ ثَمِينٍ، وَكَانَ يَجُرُّ ثوبه عَلَى الْأَرْضِ، فَقِيلَ لَهُ: (أَوَلَسْنَا نُهِينَا عَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ لِذَوِي
الْخُيَلَاءِ وَلَسْنَا مِنْهُمْ)، واستدلَّ القائلون بجواز إسبال الثوب إن لم يُقصَد به التكبر والخيلاء، بأنّ النّصوص الواردة
عن النهي عن إسبال الثياب التي أُشير إليها أعلاه إنّما كانت محصورةً بقصد التكبر، فيكون التحريم مُقيَّداً بنيّة من
أسبل ثوبه؛ فإن أسبله خيلاء حرُم عليه ذلك إجماعاً، وإن أسبله لغير ذلك جاز، وقد صرَّح النبي بذلك عندما قال له
أبو بكر: (إنَّ أحدَ شِقَّيْ ثوبي يَسْتَرْخِي، إلا أن أتعاهدَ ذلكَ منه؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنكَ لَنْ تَصْنَعَ
ذلِكَ خُيَلاءً).
المواطن التي يكره فيها إسبال الثوب
كره النوويّ من الشافعيّة، وابن عبد البرّ من المالكيّة إسبال الثوب، حيث قال النوويّ: (لا يجوز إسباله تحت
الكعبين إن كان للخيلاء، فإن كان لغيرها فهو مكروه، وظواهر الأحاديث في تقييدها بالجرّ خيلاء تدلّ على
أنّ التحريم مخصوص بالخيلاء).
المواطن التي تحرم فيها إسبال الثوب
ذهب إلى تحريم إسبال الثوب بعض علماء المالكيّة كابن العربيّ، والقاضي عياض، والقرافي، وقال به كذلك
بعض الحنابلة مثل ابن تيمية، وقال به الذهبي من الشافعيّة وهو مذهب الظاهريّة، وبه قال الصنعاني، وهو رأي
فريقٍ من علماء العصر الحاضر، مثل: ابن عثيمين، وابن باز، وقد استدلَّ الفريق القائل بتحريم إسبال الثياب
إطلاقاً بعدّة أدلّةٍ، منها:
ما رواه عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما، قال: (كَساني رسولُ اللهِ صلى اللهُ علَيهِ وسلمَ حلةً من حلَلِ السِّيَرَاءِ
أَهدَاهَا لَهُ فَيروزُ، فَلبِستُ الإِزارَ فَأَغرَقَني طُولا وعرْضًا فَسحَبْتُهُ وَلَبِسْتُ الرِّداءَ، فَتَقَنَّعْتُ بِهِ، فَأَخَذَ رسولُ اللهِ صلى
اللهُ علَيه وسلمَ بِعاتِقي فقال: يا عبدَ اللهِ بنَ عمرَ، ارفعِ الإزارَ، فَإنَّ ما مَسَّتِ الأرضُ من الْإِزارِ إِلَى ما أسفلَ من
الكعبينِ في النارِ قَال عبدُ اللهِ بن محمدٍ فلم أر إنسانًا قطُّ أشدَّ تشميرًا من عبدِ اللهِ بنِ عمرَ).
ما رواه الصحابيّ الجليل حُذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال حُذيفة:
(أخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بعَضَلَةِ ساقِي أو ساقِهِ، فقال : هذا مَوْضِعُ الإزارِ، فإن أبيتَ فأسفلُ، فإن
أبيتَ فلا حَقَّ للإزارِ في الكعبينِ).
أمّا الفريق القائل بعدم حُرمة إسبال الثياب
إن كان المقصود بذلك ليس للتكبر والخيلاء، فقد قالوا بأنّ هذه النصوص مصروفةٌ عن الحُرمة؛ بسبب وجود أحاديث أُخرى علّقت التحريم بالخيلاء والتكبر، كالحديث الذي يرويه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عُمر -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لا ينظرُ اللهُ إلى من جرَّ ثوبَه خيلاءَ)، وقالوا إنّ تلك الأحاديث مُطلقة، وقد جاء ما يُقيّدها من أحاديث أُخرى للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فيكون العمل بالمقيّد أولى من العمل بالمطلق؛ لأنّ المطلق يُحمَل على المقيّد.
يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام
More Stories
حكم بيع العملة الأجنبية بهامش ربح
حكم ترك البائع أو المشتري الأجزاء اليسيرة المتبقية من النقود
أدعية للمرأة الحامل لتسهيل الولادة