14 نوفمبر 2024

ما هو القزع وما حكمه فالاسلام ؟

ما هو القزع وما حكمه فالاسلام ؟

أحكام الشعر في الإسلام

 خلق الله -تعالى- الإنسان في أحسن تقويمٍ، وركّب جسمه تركيباً عظيماً دقيقاً، كما جعل له من الأعضاء والأجزاء ما ينفعه، ويُعينه في قضاء حوائجه، وما يُزيّنه ويجمّله، وكان من تلك الأجزاء شعر الإنسان، فقد أنبت الله -تعالى- الشعر للإنسان في عددٍ من مواضع جسمه؛ لأن جسد الإنسان هو مناطٌ في تكليفه بالتكاليف الشرعية، فقد ارتبطت الأحكام الشرعية بأعضائه على وجه العموم تارةً، وعلى وجه الخصوص تارةً أخرى، ولم يكن شعر الإنسان بمنأى عن ذلك، فقد ارتبطت به مجموعةٌ من الأحكام، والتوجيهات الشرعية، حيث إنّ شعر الإنسان يأخذ في الشريعة الإسلامية ثلاثة أحوالٍ بحسب الموضع النابت فيه من جسم الإنسان، الحال الأول: هو الأمر بإبقائه والنهي عن الأخذ منه، ومثاله شعر الحاجبين، وشعر اللحية بالنسبة إلى الرجل، والحال الثاني: هو الأمر بإزالته والنهي عن إبقائه، ومنه الأمر بحلق العانة، ونتف الإبط، وقصّ الشارب، والحال الثالث: هو ما ترك الشارع للإنسان أن يختار فيه بين إبقائه أو إزالته، ويشمل ما تبقى من شعر الإنسان عدا المذكور في الصنفين الأولين.



تعريف القزع

  ورد في القزع عددٌ من التعريفات، خلاصة ما فيها أنّ القزع هو حلق بعض شعر الرأس، وترك بعضه الآخر، ممّا يدلّ على أنّ جميع صور حلق بعض الرأس دون بعضٍ داخلٌ في معنى القزع، وذلك أنّ للقزع أنواعاً عديدةً، بيانها فيما يأتي:

 أن يحلق الإنسان مواضع متفرقةً من شعره، ويترك ما تبقّى، بحيث يظهر شعره متقطّعاً.

 حلق الإنسان منتصف رأسه، ويترك جوانبه كما هي.

حلق الإنسان جوانب شعره، ويترك منتصفه كما هو.

 حلق الإنسان مقدّمة رأسه، ويترك مؤخرته دون حلق.

وقد اختلف الفقهاء في حكم القزع على رأيين، بيانهما فيما يأتي:

 *الرأي الأول: ذهب الشافعية والحنابلة إلى القول بكراهة القزع.

 *الرأي الثاني:

ذهب بعض العلماء إلى القول بحُرمة القزع، واستدلوا لذلك بنهي الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عنه لمّا رأى صبياً قد حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهى عن ذلك، وقال: (احلقوه كلُّه، أو اتركوه كلُّه)، وقال أصحاب هذا الرأي بأنّ النهي يدلّ في الأصل على التحريم، كما أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أمر بحلق الشعر كلّه، أو تركه كلّه، والأصل في الأمر أنّه يفيد الوجوب.

وقد ذكر الشيخ محمد المختار الشنقيطي عن مشايخه أنّهم كانوا يشدّدون في تخفيف بعض الشعر عن بعضه الآخر، ويعدّون ذلك نوعاً من أنواع القزع، ممّا يدلّ على أنّ تقصير الشعر حتى يبدو متفاوتاً في الطول داخل أيضاً في مفهوم القزع المنهي عنه، ويجدّر الإشارة إلى أنّ إرادة التشبّه بالكفار والفسّاق من خلال القزع يجعل تحريمه أمراً مقطوعاً به، حتى عند العلماء القائلين بكراهته؛ لأنّ قصد التشبّه بمن نهى الشرع عن التشبّه بهم علّةٌ تُوجب تحريم الفعل، بدلالة قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (من تشبَّه بقومٍ فهو منهم).


حكم إطالة شعر الرجل

 كان شعر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يصل إلى شحمة أذنيه، كمّا كان يصل أحياناً إلى ما بين أذنيه وعاتقه، وكان يصل إلى منكبيه في أحيانٍ أخرى، وكان يجعل شعره أربع ضفائر إذا طال، إلا أنّ ذلك لا يدلّ على أن ّإطالة الشعر سنّةٌ يؤجر المسلم على فعلها، فلم يأمر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بإطالة الشعر أو حلقه، بل أمر بإكرامه، وقد كانت إطالة الشعر في عصر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، عرفاً مقبولاً عند الناس، وسائداً بينهم، فإذا اختلف العرف في زمانٍ ما فأصبحت إطالة الشعر تدلّ على التشبّه بأهل الكفر والفسق، فلا ينبغي للمسلم حينها أن يقوم بذلك،

 وقد قال الشيخ ابن عثيمين: إنّ الأصل في حكم إطالة الشعر جوازه، إلّا أنّه يخضع لعرف الناس وعاداتهم، فإذا جرى العرف بأنّ إطالة الشعر ممّا يقوم به فئة نازلة في أعين الناس، فلا ينبغي فعل ذلك للمسلم، أمّا إن أصبح أمراً سائداً يفعله الناس جميعاً فلا بأس بفعله، ولا يجوز الاحتجاج في هذه المسألة بإطالة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لشعره؛ لأنّ هذه المسألة ليست في باب التعبّد والسنة، وإنّما في باب العُرف والعادة.

يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام