هل تعلم لماذا امر الاسلام “بعتق الرقاب” ؟؟
عتق الرّقبة
جاء الإسلام بالعدل والمساواة بين جميع النّاس، وأقرّ أنّ كلّ شخص حرٌّ بطبعه وفطرته، وأنّ الحريّة حقٌّ تكفّل بحفظه لكلّ إنسان مهما كان لونه أو عرقه أو نسبة أو أصله، فقد قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (يا أيُّها النَّاسُ! إنَّ ربَّكم واحدٌ، وإنَّ أباكم واحدٌ، ألا لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى، إنَّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكم، ألا هل بلَّغتُ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: فليُبلِغِ الشَّاهدُ الغائبَ)، فقد جاء كلّ البشر من آدم، وبما أنّ مَنشأهم واحد فلا يكون لقبيلة أو عائلة أو عرق أو غير ذلك التّفاضل على غيرهم.
معنى الرِّق (عتق الرقبة)
الرِقّ لغةً: مصدر رقّ الشّخص يرقّ، من باب ضرب، فهو رقيق، ويقال: (رققته أرقه من باب قتل، وأرققته، فهو مرقوق ومرقّ، وأَمَة مرقوقة ومرقة والرِّق من المُلك، وهو العبودية)، والرِقّ أيضاً: (الشيء الرّقيق)، ويُقال للأرض اللّينة: رق، والرَقّ بالفتح: ما يُكْتَبُ فيه، وهو جلد رقيق.
العتق: مصدر عَتَقَ، يُقال: أعتقت الغلام إعتاقاً فعتق، وهو (يعتق عتقاً وعتاقاً وعتاقةً، وحلف بالعتاق، والعبد عتيق أي معتق)، وامرأة عتيقة: أي حرّة من الأموة، وجارية عاتق: شابّة أول ما أدركت، وامرأة عتيقة: جميلة كريمة عتقت عتقاً.
العتق: مأخوذٌ من السَّبَق، يقال: عتقت منى يمين، أي: سبقت، وعتقت لفرس: إذا سبقت، وعتق فرح الطّائر: إذا طار واستقل، فكأن المعتق خُلِّي فذهب حيث شاء، ويقال: عتق العبد يعُتق عِتاقاً وعِتاقةً، فهو مُعتَق وعَتيق، ولا يقال: معتوق، وخُصَّت الرّقبة بالعتق والملك دون سائر الأعضاء؛ لأنّ تملُّك السيّد لعبده مثاله كمن يضع حبلاً في رقبة آخرٍ يُحرّكه كيف شاء، وكالغل يُحبَس به ولا يستطيع الفِكاك إلا بأمر ساجنه، وتُحبس الدابّة بالحبل وتُربَط في عُنقها، ولهذا استخدموا الحبل كنايةً في العتق، فقالوا: حبلك على غاربك (لمن أعتق عبده) جعله بمنزلة البعير يُطرح حبله على غاربه فيذهب حيث يشاء، ولا يوثَّق.
طرق عتق الرّقبة وتجفيف منابع الاسترقاق في الإسلام
قام الإسلام بتوسيع المخرج لعتق الرِّقاب وزيادة أسباب العتق، ومن ذلك:
جعل الإسلام عتق الرّقاب من التقرّبات العظيمة إلى الله سبحانه وتعالى: قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام: (مَن أَعتَقَ رقبة مسلمةً، أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النّار حتّى فرجَه بفرجه).
جعل الإسلام العتق أحد مصارف الزّكاة الثّمانية، قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
جعل الإسلام عتق الرِّقاب كفارةً للطم العبد أو ضربه، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله يقول: (من لطم مملوكاً له أو ضربه فكفارته عتقه).
أوجب الإسلام العتق في بعض الكفّارات، ومنها كفارة القتل الخطأ، قال تعالى: (مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)، وكفّارة الظِّهار، قال تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)،
وكفارة الحِنث في اليمين، قال تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ).
أجاز الإسلام الزّواج من الرّقيق، وهو من أهمّ وأوسع أسباب العتق، قال تعالى: (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ).
جعل القرار في يد المُسترقِّ نفسه؛ فشرع المُكاتبة مع المالك لكي يعتق نفسه بنفسه ويشتري حرّيته، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُم).ْ
يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام
More Stories
زيارة الميت لأهله في الرؤيا هل تؤشر على موت أحدهم
هل تعلم أنه هناك الصحابة من الجن؟
حكم ترك البائع أو المشتري الأجزاء اليسيرة المتبقية من النقود