26 يوليو 2024

هل يجوز ضرب الزوج زوجته في الاسلام ؟

هل يجوز ضرب الزوج زوجته في الاسلام ؟

حكم الزواج وأهميته

عرّف ابن عثيمين -رحمه الله- الزواج بأنه “عقد بين رجل وامرأة يقصد به استِمتاع كلٍّ منهما بالآخَر، وتكوين

أسرةٍ صالحةٍ ومجتمعٍ سليمٍ”، وقد اهتمت الشريعة الإسلامية اهتماماً جلياً بهذا العقد، يقول الله -تعالى- في

القرآن الكريم: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ

لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وقد قسّم العلماء حكم الزواج إلى عدّة أقسامٍ، بحيث يختلف حكمه من شخص لآخرٍ بحسب

عدة اعتباراتٍ منها؛ القدرة المالية للشخص، والقدرة الجسمية، وتحمّل المسؤووليات.

 يكون الزواج واجباً على الرجل إذا خشي على نفسه من الوقوع في الحرام، فيجب عليه إحصان وإعفاف نفسه

بالزواج؛ حتى لا يقع في المحظور، ويكون مستحباً إذا كانت لدى الشخص شهوةً مع كونه لا يخشى من الوقوع

في الحرام؛ لِما ينبني على ذلك الكثير من المصالح والثمار الطيبة، وفي حال عدم وجود الشهوة فالزواج يكون

مباحاً، كزواج الرجل الكبير، لكن قد يصبح مكروهاً هنا، لأنه لا يحقق غرضاً من أغراض الزواج؛ وهو

إعفاف الزوجة، وينتقل من الكراهة إلى الإباحة إذا وافقت الزوجة ورضيت بذلك.

                                
حكم ضرب الزوج لزوجته

اهتم الإسلام بحفظ الرابطة الزوجية اهتماماً كبيراً، فشرع الأحكام التي تكفل تحقيق كافة المصالح لكلا الزوجين، وقد حرّم الإسلام التعدي والظلم، وجعل ضرب الرجل لزوجته بغير أي مبرر محرّماً؛ لأنه يعد من الإيذاء والظلم والاعتداء، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي قول الله: (يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا)، لكن هناك حالات يجوز فيه الضرب إذا رُوعيت في ذلك الشروط والضوابط الشرعية، بحيث إن طاعة الزوجة لزوجها واجبةٌ في الكتاب والسنة، وعليه أجمع أهل العلم، فإن عصَت المرأة زوجها بدون أي مسوّغ أو مبرر، وتمرّدت في عصيانها، فقد عالج الشرع ذلك بعدة أمورٍ، وهي:


أولاً:

الوعظ والنصح للزوجة، فينصح الزوج زوجته بلطف ورفق، وتارة بالزجر إذا اقتضى المقام ذلك، ويبيّن لها ما افترضه الله -تعالى- من الحقوق لها وعليها.

 ثانياً:

هجر الزوجة، بحيث يلجأ لذلك إذا لم تستجب الزوجة لوعظه وإرشاده، فيسوغ له أن يهجرها في الفراش حتى يُظهر عدم رضاه عنها وعن معاملتها.

 ثالثاً:

الضرب التأديبي، بحيث يجعل ذلك آخر الحلول، ويلجأ إليه إذا حاول واستنفد طاقته في الخطوتين السابقتين، لكن يراعي في ذلك شروطاً وضوابط عدة، وهذه الشروط هي:

أن لا يكون الضرب شديداً، بل يكون على وجه التأنيب من غير أذيّة.

 أن لا يضربها على وجهها.

 أن لا يهينها بالشتم والسب.

أن لا يكون قصده من ذلك الانتقام، بل إصلاح زوجته.

 أن يتجنّب ذلك عند حصول المقصود من الضرب.


ومن الجدير بالذكر أن هذا الحكم بهذا الترتيب واجبٌ عند جمهور الفقهاء، بحيث لا يهجر الرجل زوجته قبل وعظها وإرشادها، ولا يضربها قبل وعظها وهجرها، والأصل في ذلك قول الله تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)، وإذا رجعنا إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ نجد أنه أحسن وأكمل الناس خلقاً وهدياً، فلم يضرب في حياته كلها زوجة من زوجاته رضي الله عنهن، ولم يضرب خادماً، مصداقاً لما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ).

ظلم الزوجة

 أوصى رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- بالنساء خيراً، وحثّ على الإحسان إليهن، وإكرامهن، وعشرتهن بالمعروف، وعدم ظلمهن والتعدي عليهن، والرجل الذي يظلم زوجته فإن خصيمه الله -عز وجل- يوم القيامة، ويروي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قول الله -تعالى- في الحديث القدسي، فيقول رسول الله: (قال اللهُ تعالى: ثلاثةٌ أنا خَصمُهم يومَ القيامةِ)، فذكر منهم: (رجلٌ أعطَى بي ثمَّ غدرَ)، فالذي يظلم زوجته بغير وجه حق، ويظلم غيره كذلك، فإن الله -عز وجل- خصيمه يوم القيامة.


يمكنكم متابعة برامج قناة الانسان و الموقع نور الاسلام