كلام رائع للشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله عن الصيام
لا يخفى انه عن قريب يتأهب المسلمون لشهر رمضان تاها يحثه شكر رباني واعتزاز نفساني لان في مثله من سنة
13 قبل الهجرة بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا للناس كافة مرشدا وهاديا داعيا الى الله بإذنه وسراجا
منير وابتدأ فيه بنزول القران.
اختار الله مثل هذا الشهر في تلك السنة لانبثاق ذلك النور المبين وحدوث الحادث الجليل أصل النظام الاجتماعي
والتفكير فقدر له بذلك فضلا عالمه وأراده وادخاره الى ان ربط به ذكر جليلة للمسلمين في السنة الثانية من الهجرة
حين بدا استقلال المسلمين بمدينتهم وجماعاتهم وتخلصوا من اضطهاد المشركين وشغبهم ذلك بان راع له في
فضيلة ذلك الشهر فرضة الصوم كل عام عبادة يرتقون بها عن حضيض عالم المادة الى جانب أوجه العالم
الروحاني فجعل الصوم وسيلة للارتياض بالأخلاق الملكية والتحبيب من القدرات الجسمانية
ونبه على ذلك بان اية فرض الصيام بقوله تعالى:” شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدا للناس وبينات من
الهدى والفرقان”
يشير الى مناسبة تعيين هذا الشهر لإيقاع هذه العبادة
الصيام:
ان عبادة الصوم في قواعد الإسلام وما فيه من الحكمة الراجعة الى تزكية النفس وتهذيب طغيان القوى الجسمانية
عليها امر مقرر لا ينكر
فلسنا بحاجة الى زيادة تذكير المسلمين به بل الامر الذي شديد الحاجة الى التذكير به والتنبيه عليه هو ارشاد الكثير
منهم الى الأحوال التي يكون بها الصوم جاريا على المقد الشرعي منه ومن قيام المسلم به
الصيام عبادة شرعت لمقاصد سامية وحكم عالية هي من قبيل الحكمة العملية لرياضة النفس على استذلال
المصاعب والتصبر على التخلق بالأخلاق الملكية
وقوامه الإمساك عن الشهوات الملازمة لما في الهيكل الجسماني من المادة التي تغين على تجرد الروح
فالقصد منه اضعاف القوى المادية لتنبثق من منا ثيبيها اشعة النير الروحاني ولما في هذا الإمساك من مشقة في
مجاهدة تلك القوى الطاغية
اقتنعت الشريعة بالمقدار الذي لا يخلو عنه قيام ماهية هذه العبادة
فجعلت ما يعرض للصائم من مشقة زائدة ذرا يخول الترخيص في تلك العبادة ما دامت المشقة العارضة مقارنة لها
ليأتي المسلم بعبادته شريها ناشطا غير ملول من تظافر المشاق عليه
فقد أشار الى ذلك قوله تعالى في اية فرض الصيام:” ومن كان مريضا او على سفر فعدة من أيام اخر يريد الله بكم
اليسر ولا يريد بكم العسر”
والمعتبر من المشاق التي تسقط العبادة ليس اصدق ما يسقط عليه اسم المشقة
المشقة:
قسمها العلماء الى ثلاثة اقسام:
قسم في الرتبة القصوى من المشقة
وقسم في رتبة الدنيا كأدنى وجع في إصبع
وقسم متوسط بين هذين
وقد ورد في الشريعة تعيين مشقات مسقطة للصوم فما لم يرد الشرع بتحديده يجب على الفقيه ان يفحص عن أدني
المشاق الثابتة بدليل شرعي ثم ينظر فيما لم يحدده الشرع فيلحقه بقسمه المماثل له
والقاعدة الأصولية تقول:” المشقة تجلب التيسير”
والله تعالى انبا حين شرع الصوم انه يريد بنا اليسر وأكده بقوله “ولا يريد بكم العسر”
والتيسير هو الترخيص أي تغيير الحكم الشرعي من صعوبة الى سهولة لعذر مع قيام السبب لحكم أصلي فتاتي
عليه الرخصة وتنقله الى السهولة
ومعلوم ان الصعوبة هي الوجوب او التحريم وان السهولة هي الإباحة
والمختار من اقوال الأصوليين “جريان القياس على الرخص” وهو قول الامام مالك و الجمهور
كلام رائع للشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله عن الصيام
تابعونا على نور الإسلام و الإنسان
More Stories
وزير الشؤون الدينية: العمرة أخت الحجّ
المهدية: تقديرات بإنتاج حوالي 185 ألف طن من الزيتون
كارثة صحية في السودان