إنّ التقاليد النضالية الداعمة للقضية الفلسطينية في الوسط
الزيتوني واضحة للعيان، تجليها الكتابات الصحفية وتقارير الإقامة العامة الفرنسية والدراسات الحديثة. وكانت الزيتونة مكانا لدعم القضية الفلسطينية ومناهضة الأطماع الصـهيو.نية، فقد تأسست منذ آخر الثلاثينات لجان وجمعيات لمساندة الفلسطينيين جلّ أعضائها من الزيتونيين شيوخا وطلبة. ومن هذه التشكيلات : “لجنة إسعاف فلسطين الشهيدة” وتكوّنت في 27 جوان 1937 . و”لجنة الدفاع عن فلسطين” وكوّنها الشيخ محمد الصّادق بسيس. أمّا الشيخ الشاذلي بلقاضي فقد أسس “اللجنة العربية لهيئة المدرسين”، وتكونت في 2 ديسمبر 1947 ومهمتها الدفاع عن فلسطين. ولم يقتصر نشاط الزيتونيين على تكوين اللجان والجمعيات بل دعموا نشاطهم بالتحرك بطرق نضالية مختلفة مثل إصدار اللوائح والقيام بإضرابات واعتصامات وتوعية الناس في الخطب الجمعية بمخاطر الصـهيو.نية والكتابة في الصحافة وغير ذلك من أشكال النضال. وتضاعفت العمليات النضالية عقب الحرب العالمية الثانية وكذلك عقب قيام دولة الكيان الصـهيو.ني. وفي لائحة قدمها المشايخ المدرسون للباي في نوفمبر 1945 في ذكرى وعد بلفور، احتج الموقعون (من شيوخ وطلبة) على ما تقوم به الصـهيو.نية من أعمال مضرّة بالمسلمين، وتطرقوا إلى نشاط الصـهيو.نية بتونس وحذّروا من مخاطر ذلك. ومما جاء في اللائحة :”أما بعد … فإن الهيئة العلمية الزيتونية الممثلة في هذا الوفد الناطق بلسانها تعرب لحضرتكم الشامخة عمّا حلّ برجال المعهد الزيتوني قاطبة شيوخا وتلامذة ولعموم الأمّة الإسلامية بتونس خصوصا وبالعالم عموما من الكدر العظيم من جراء المحاولات الأثيمة التي تقوم بها الحركة اليهـوديـة قصد التعدي على أرض إسلامية والمساس بهيكل مقدس من هياكل شعائرنا الدينية وهو ثالث الحرمين الشريفين…”.من التحركات الكبيرة للزيتونيين التجمع الكبير الذي انتظم بالعاصمة بجامع صاحب الطابع وساحته يوم 4 ديسمبر 1947 والذي جمع أكثر من ثلاثة آلاف شخص خاصة من طلبة الزيتونة ومدرسيها ومن غيرهم من مكونات المجتمع المسلم. ومن أبرز الحاضرين من المدرسين الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور والشيخ محمد الشاذلي بلقاضي والشيخ الحبيب شلبي والشيخ الصادق بسيس والشيخ محمد الصالح النيفر وغيرهم. وتناول الحاضرون خطورة الوضع بفلسطين، واتفقوا على جمع التبرعات لفائدة فلسطين، كما اتفقوا على تشجيع التطوع والذهاب إلى فلسطين لنصرة إخوانهم هناك. وفي اليوم الموالي 5 ديسمبر 1947 انعقد اجتماع ثان بجامع الزيتونة حضره ستة آلاف شخص وترأسه الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور وعدد كبير من شيوخ الزيتونة وطلبتها. ونبّه المتدخلون إلى مخاطر الصـهيو.نية وإلى الأدوار التي كان يقوم بها يـهـود تونس لفائدة الصـها.ينة بفلسطين. وزادت أشكال نضالات الزيتونيين تنوعا بعد إعلان قيام دولة الكيان الصـهيو.ني في 14 ماي 1948، فتعددت إضرابات جامع الزيتونة وفروعه داخل البلاد. وتكونت حركات تطوع لفائدة فلسطين انخرط فيها الطلبة الزيتونيون بشكل كثيف. وقد قُدّر عدد المتطوعين إلى حدود 22 جويلية 1948 عمّا يزيد عن 2676 متطوعا وصل القليل منهم إلى ساحة القتال، وحجز الأغلبية على الحدود المصرية الليبية، واستشهد العشرات ممن وصل منهم على أرض فلسطين.المصدر: جامع الزيتونة والقضية
منير رويس
More Stories
وزير الشؤون الدينية: العمرة أخت الحجّ
طبيب أميركي يحذر: ‘طقطقة الرقبة لها عواقب خطيرة’
المهدية: تقديرات بإنتاج حوالي 185 ألف طن من الزيتون