25 أبريل 2025

هل يجوز إخراج القيمة نقدا في زكاة الفطر؟

روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أنّ رسول الله ﷺ فرض زكاة الفطر من رمضان على كلّ نفس من المسلمين، حرّ أو عبد أو رجل أو امرأة، صغير أو كبير، صاعا من تمر أو صاعا من شعير” ، وعن أبي سعيد الخدري أنّه قال: “كنّا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب، وذلك بصاع النّبيّ ﷺ” .
حمل العلماء الأصناف الواردة في الحديثين على أنّها معلّلة بكونها غالب قوت أهل البلد من غير نظر إلى قوت المخرِج، وهي كانت كذلك في عهد النّبيّ ﷺ، وقد تكون مستمرّة كلّها أو بعضها قوتا غالبيا في بعض الأقوام. ولأجل ذلك قال علماؤنا بأنّ العرف إذا تغيّر في قوم وأصبحوا يقتاتون غيرها في حالة الرجاء والشدّة، فإنّه يخرج من غالبها أو ممّا انفرد منها، بشرط أن لا يوجد شيء ممّا جاء في الحديثين مقتاتا أي ليس فاكهة.
وأمّا إخراج القيمة نقدا عن الطّعام المقتات الغالب لأهل البلد، فقد أجاز ذلك ابن القاسم في رواية عنه، وقال: “إن فعل لم أر بذلك بأسا” ، ونقل الشيخ الصاوي استظهار بعض علماء المذهب الجواز ، وقال به الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور وابنه محمد الفاضل .
ووجه الجواز أنّ علّة وجوبها تطهير صيام الصّائم وإطعام المساكين يوم العيد، دلّ على هذه العلّة اقتران زكاة الفطر بالإفطار من رمضان واستقبال يوم العيد، وقد نصّ النّبيّ ﷺ على ذلك، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ” فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللّغو والرّفث، وطعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة في صدقة من الصدقات” ، واستئناسا بالحديث: “أغنوهم عن ذُلِّ السؤال في هذا اليوم” ، وهو وإن كان ضعيفا، فالمعروف أنّ الحديث الضعيف لا يترك جملة، إذا وجد ما يعاضد معناه.
وحيث إنّ إغناء الفقراء يوم العيد يكون بالطّعام المقتات عند قلّته كما كان الحال في عهد التشريع، ويكون أيضا بطعام غير المقتات إذا كان متوفّرا، بل قد يكون الفقير له مدّخر منه في بيته لأيام عديدة، أو متوفّرا في الأسواق، ويحتاج الفقير يوم العيد إلى أشياء أخرى كالحلويات واللباس ونحو ذلك، ممّا يُدخل به الفرح والاستبشار على أهله وأبنائه، إذ هذه الأمور من خاصّيات العيد ولوازم الفرح فيه. وأيضا فإنّه بالنقود يمكنه أن يشتري ما يريد من الطّعام الّذي يقتاته، حيث إنّ الطعام المقتات للنّاس أصبح الآن متنوّعا، وتختلف رغبات النّاس فيه. وعلى ذلك فسّر ابن رشد الجدّ كلام ابن القاسم، بأنّه إنّما يدفع إليهم الثمن ليشتروا لأنفسهم.
القائلون بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر
من الصحابة رضوان الله عليهم
ـ عمر بن الخطاب ـ ابنه عبد الله بن عمر ـ عبد الله بن مسعود ـ عبد الله بن عبّاس ـ معاذ بن جبل
ـ قال أبو إسحاق السبيعي من الطبقة الوسطى من التابعين، قال: أدركتهم ـ يعني الصحابة ـ وهم يعطون في صدقة رمضان الدّراهم بقيمة الطّعام. (مصنف ابن أبي شيبة: 3/174، وعمدة القارئ: 9/8)
من أئمّة التابعين
ـ عمر بن عبد العزيز ـ الحسن البصري ـ طاووس بن كيسان ـ سفيان الثوري
(مصنف ابن أبي شيبة: 3/174، وموسوعة فقه سفيان الثوري: 473، وفتح الباري: 4/280)
من فقهاء المذاهب:
ـ أبو عمرو الأوزاعي ـ أبو حنيفة النعمان وفقهاء مذهبه ـ أحمد بن حنبل في رواية عنه ـ الإمام البخاري ـ شمس الدين الرملي من الشافعية.
ـ من المالكية: ابن حبيب وأصبغ وابن أبي حازم وابن وهب، وقال الشيخ الصاوي: “الأظهر الإجزاء لأنّه يسهل بالعين سدّ خلّته في ذلك اليوم”.
والله أعلم
الشيخ الحبيب بن طاهر